لاعبو الدومينو على اختلاف مستوياتهم ملتزمون بقواعد اللعبة خصوصا اذا كان الرهان دفع ثمن "جايات" رواد المقهى، لا احد من اللاعبين يستطيع خرق القواعد والاصول ، لخشيته من فقدان سمعته ، وحرمانه من المشاركة ، لكل لاعب اسلوبه في التغلب على الخصم ، احيانا يستعين بالحاضرين لمراقبة اي اختراق محتمل ، الحاضرون بدورهم يأخذون دور المراقبين ، وأحدهم يتولى مهمة تسجيل النقاط في لعبة"الآزنيف" يشارك فيها اربعة لاعبين ينقسمون الى فريقين ، الفائز من يحصد اكثر النقاط فيتحمل الفريق الخاسر دفع مبلغ الرهان ، وسط اشادة بخطة الفريق الفائز وتمكنه من قتل الدوشيش أكثر من مرة لدى الفريق الخصم .
اثناء احتدام التنافس ، يسأل احد رواد المقهى، اتخذ موقعا منزويا بعيداً عن طاولة اللاعبين ، مستفسرا ، هل مات الدوشيش ؟؟ يأتيه الجواب سريعا من لاعب او مشجع ، اقرأ على روحه سورة الفاتحة ، المرحوم شيعناه ، يطلق صاحب السؤال عبارات الاعجاب والتشجيع لمن قتل الدوشيش وودعه الى مثواه الاخير.
مصطلح اللعبة السياسية شاع استخدامه منتصف القرن الماضي في المنطقة العربية تزامنا مع تشكيل عشرات الاحزاب ، حين شهدت الساحة ولادة احزاب وتنظيمات سياسية ذات توجهات متعددة ، لم تتمكن من صوغ معادلة مشتركة لخوض اللعبة ، انشغلت بالصراع للسيطرة على السلطة ، بدعم خارجي او عن طريق تنفيذ انقلاب عسكري ، اما الدعوات الى اقامة نظام ديمقراطي ، فظلت في دائرة التحريم من يحاول ايقاظها توجه له تهمة الخيانة العظمى ، الفرق بين الدومنة ، واللعبة السياسية يرتبط بخرق القواعد ، الاولى فيها الكثير من النبل ، اما الثانية فثمنها الارواح وانفاق المزيد من الاموال.
الانظمة الديمقراطية حددت قواعد واصول المشاركة في اللعبة السياسية بقوانين وقضاء نزيه ، واعراف ثابتة ، فضلا عن ايمان اللاعبين بمبدأ التداول السلمي للسلطة ، عن طريق صناديق الاقتراع شريطة توفر نظام انتخابي يضمن بشكل حقيقي مصالح الشعب باختيار ممثليه في البرلمان او الحكومة .
رجال اللعبة السياسية في العراق واغلبهم قادة احزاب ذات توجهات دينية ، لهم تمثيل في الحكومة الحالية والبرلمان ، فصلوا قانون الانتخابات على مقاساتهم ، سيقفون امام اي تعديل لمنع بروز قوى منافسة حققت حضورها بفعل عوامل متعددة في مقدمتها سوء الاداء الحكومي والسياسي طيلة السنوات الماضية ، القوى الجديدة بإمكانها بعد ان كسبت ثقة الشارع ، ان تصوغ قواعد جديدة للعبة السياسية ليس بهدف الوصول الى السلطة ، ولكن في اقل تقدير لتضمن تعزيز الديمقراطية واقامة دولة المواطنة وتحقيق التنمية .
المشاركون الكبار في اللعبة السياسية سواء مات الدوشيش او الدوبارة لن يتخلوا عن مكاسبهم سيقفون بالمرصاد ضد من يحاول ابعادهم من المشهد ، الديمقراطية بحسب تنظيراتهم وسلوكهم رفع شعار يالثارات أحزابنا يوم مات الدوشيش .
مات الدوشيش
[post-views]
نشر في: 19 أغسطس, 2015: 09:01 م