TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مات الدوشيش

مات الدوشيش

نشر في: 19 أغسطس, 2015: 09:01 م

لاعبو الدومينو على اختلاف مستوياتهم ملتزمون بقواعد اللعبة خصوصا اذا كان الرهان دفع ثمن "جايات" رواد المقهى، لا احد من اللاعبين يستطيع خرق القواعد والاصول ، لخشيته من فقدان سمعته ، وحرمانه من المشاركة ، لكل لاعب اسلوبه في التغلب على الخصم ، احيانا يستعين بالحاضرين لمراقبة اي اختراق محتمل ، الحاضرون بدورهم يأخذون دور المراقبين ، وأحدهم يتولى مهمة تسجيل النقاط في لعبة"الآزنيف" يشارك فيها اربعة لاعبين ينقسمون الى فريقين ، الفائز من يحصد اكثر النقاط فيتحمل الفريق الخاسر دفع مبلغ الرهان ، وسط اشادة بخطة الفريق الفائز وتمكنه من قتل الدوشيش أكثر من مرة لدى الفريق الخصم .
اثناء احتدام التنافس ، يسأل احد رواد المقهى، اتخذ موقعا منزويا بعيداً عن طاولة اللاعبين ، مستفسرا ، هل مات الدوشيش ؟؟ يأتيه الجواب سريعا من لاعب او مشجع ، اقرأ على روحه سورة الفاتحة ، المرحوم شيعناه ، يطلق صاحب السؤال عبارات الاعجاب والتشجيع لمن قتل الدوشيش وودعه الى مثواه الاخير.
مصطلح اللعبة السياسية شاع استخدامه منتصف القرن الماضي في المنطقة العربية تزامنا مع تشكيل عشرات الاحزاب ، حين شهدت الساحة ولادة احزاب وتنظيمات سياسية ذات توجهات متعددة ، لم تتمكن من صوغ معادلة مشتركة لخوض اللعبة ، انشغلت بالصراع للسيطرة على السلطة ، بدعم خارجي او عن طريق تنفيذ انقلاب عسكري ، اما الدعوات الى اقامة نظام ديمقراطي ، فظلت في دائرة التحريم من يحاول ايقاظها توجه له تهمة الخيانة العظمى ، الفرق بين الدومنة ، واللعبة السياسية يرتبط بخرق القواعد ، الاولى فيها الكثير من النبل ، اما الثانية فثمنها الارواح وانفاق المزيد من الاموال.
الانظمة الديمقراطية حددت قواعد واصول المشاركة في اللعبة السياسية بقوانين وقضاء نزيه ، واعراف ثابتة ، فضلا عن ايمان اللاعبين بمبدأ التداول السلمي للسلطة ، عن طريق صناديق الاقتراع شريطة توفر نظام انتخابي يضمن بشكل حقيقي مصالح الشعب باختيار ممثليه في البرلمان او الحكومة .
رجال اللعبة السياسية في العراق واغلبهم قادة احزاب ذات توجهات دينية ، لهم تمثيل في الحكومة الحالية والبرلمان ، فصلوا قانون الانتخابات على مقاساتهم ، سيقفون امام اي تعديل لمنع بروز قوى منافسة حققت حضورها بفعل عوامل متعددة في مقدمتها سوء الاداء الحكومي والسياسي طيلة السنوات الماضية ، القوى الجديدة بإمكانها بعد ان كسبت ثقة الشارع ، ان تصوغ قواعد جديدة للعبة السياسية ليس بهدف الوصول الى السلطة ، ولكن في اقل تقدير لتضمن تعزيز الديمقراطية واقامة دولة المواطنة وتحقيق التنمية .
المشاركون الكبار في اللعبة السياسية سواء مات الدوشيش او الدوبارة لن يتخلوا عن مكاسبهم سيقفون بالمرصاد ضد من يحاول ابعادهم من المشهد ، الديمقراطية بحسب تنظيراتهم وسلوكهم رفع شعار يالثارات أحزابنا يوم مات الدوشيش .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram