العراقيون فقدوا مسلة جدهم حمورابي ، المحفوظة حاليا في متحف اللوفر بالعاصمة الفرنسية باريس ، من توفرت له فرصة لزيارة اللوفر من المسؤولين الحاليين والسابقين ، التقطوا صورة تذكارية ليؤكدوا للعالم ، انهم ينتمون الى بلد سن تشريعات ، تنظم الحياة بحزمة قوانين تعاقب المذنب وتنصف المظلوم ، تحقق العدالة والمساواة بين البشر ، توجد في العراق نسخ من مسلة حمورابي تستخدم لأغراض اضفاء منظر جمالي في مكاتب المعنيين بشؤون القضاء ، وفوقها مجسم الميزان ، مع اية قرآنية تنص على ضرورة تحقيق العدالة من دون الخضوع لضغوط سياسية ، او الاذعان لمطالب المتنفذين ، فيضيع العدل كأي صوت غريب في سوق الصفافير .
المحتجون المطالبون بإجراء اصلاحات في السلطة القضائية ، ادركوا قبل المسؤولين والساسة بأن القضاء العراقي في خطر فاصبح بأمس الحاجة لتغييرات جذرية حقيقية سواء في الاشخاص او النصوص ، الشعب مصدر السلطات طبقا لقواعد الديمقراطية ، استنادا لهذه القاعدة لابد ان تستجيب السلطة التشريعية لمطالب المتظاهرين بتمرير القوانين والتشريعات المتعلقة بإصلاح القضاء ، في مقدمتها اقرار قانون المحكمة الاتحادية ، لتؤكد الكتل النيابية انها جادة فعلا وعلى استعداد كامل لتشريع القوانين الخاصة بتنظيم الحياة السياسية في العراق .
الرئيس الاسبق لمجلس النواب محمود المشهداني النائب في الدورة التشريعية الحالية ، اعلن قبل سنوات في لقاء متلفز مازال محفوظا في ارشيف احدى الفضائيات ، انه مع النائب المطلوب قضائيا عبد الناصر الجنابي ، والشيخ جلال الدين الصغير النائب السابق ، كانوا وراء صياغة وتثبيت المادة الخاصة بالأحوال الشخصية في الدستور العراقي ، تصريح المشهداني ليس بحاجة الى تعليق ، يعطي دلالة واضحة على ان الجهات التي كلفت بكتابة الدستور الملغوم على حد وصف قادة احزاب مشاركة في العملية السياسة ، وضعت مواده طبقا لا مزجتها وتوجهاتها ، فضلا عن ذلك ، عجز المشرعون من ممثلي الشعب في البرلمان خلال الدورات الماضية عن تعديل الدستور لتكون مواده عاملا في تعزيز الديمقراطية ، وارساء قواعد بناء الدولة المدنية .
خلال توليه مسؤولية الحاكم المدني في العراق بعد الغزو الاميركي اصدر مستر بريمر جملة تشريعات ، واختار جهازا قضائيا لتنفيذ برنامجه بمباركة وتأييد قادة احزاب وقوى سياسية يمثلون مكونات الشعب العراقي ، فسن الخطوات الاولى لتكريس اخطاء تجذرت في المشهد السياسي منحت المتنفذين حق ادارة الدولة ، مستر بريمر خلال وجوده في العراق وضع مسلته الخاصة متضمنة تشريعاته ، باركها وعمل على تنفيذها قادة سياسيون ، اعلنوا استنكارهم للدور الاميركي في تخريب الدولة العراقية ، بعد دقائق من مغادرة الحاكم المدني العراق متوجها الى الولايات المتحدة ، تاركا مسلته بيد أمينة ، فاقت شهرتها مسلة جدنا حمورابي.
مطالب المتظاهرين بإجراء اصلاحات فورية تتعلق بالسلطة القضائية ، اصبحت ضرورة ملحة من يقف ضدها ، ليس امامه فرصة لضمان مستقبله السياسي ، الخيار الوحيد التقاط صورة سيلفي محتضنا مسلة بريمر .
مسلة بريمر
[post-views]
نشر في: 21 أغسطس, 2015: 09:01 م