8
برعمٌ جديدوانا أسمع الاخبار، أسمع سقوطَ اسماءٍ وارقاموسقوطَ انجمٍ واشتعالَ شرف،ولهبٌ ودخان يتدافعان خارجَيْن من البيوت. كل شيء واضح.لكن ما يُحزن اكثر هو انسياحُ دمِ البسطاءالعاملين بأجرٍ وحرسِ الابواب والعابرين ليأتوا بخبزٍ لابنائه
8
برعمٌ جديد
وانا أسمع الاخبار، أسمع سقوطَ اسماءٍ وارقام
وسقوطَ انجمٍ واشتعالَ شرف،
ولهبٌ ودخان يتدافعان خارجَيْن من البيوت. كل شيء واضح.
لكن ما يُحزن اكثر هو انسياحُ دمِ البسطاء
العاملين بأجرٍ وحرسِ الابواب والعابرين ليأتوا بخبزٍ لابنائهم.
سماعُ الاخبار يُريني ناساً فزِعين وناساً
اضمروا العودةَ منتقمين او عابرين، يُريني جراحاً نازفةً وكدمات.
يبدو الضرر، حجمُ الآلام ، كبيراً،
يبدو انني ساظل ابدا ارى الحياةَ تقاتل،
لتدفع الشرَّ او لتنجو،
لتنقذَ او لتطفئَ حرائق وتحمي مدناً وحدائق
زمانُنا كلُّه قتالٌ ضارٍ مع الجريمة،
مع الخطأ، مع الطباع الموبوءة بالإيذاء.
ونحن نرى الحياةَ موجوعةً، مُفْزَعةً، غاضبةً او آسفة،
لا يسعنا الوقوف لنراها تتكئ من تعب.
نُعجِّل لإسنادها ،
بل نضمّدُ أيامَنا ونعيد الأحاديث التي
انقطعت ونبدأ العملَ من جديد بانتظار المواسم القادمة.
كل سنةٍ من سنوات شقائنا نقول
هي افضلُ السنوات
مرةً وانا عائدٌ من جلْسةٍ قَرِفاً
من نظرات التهديد الخسيسة،
وانا حائرٌ كيف بعدُ أكسب خبزاً،
ابتسمتُ فجاةً
وانتشر الفرحُ في كل عالمي
اذ وقعتْ عيناي
على تينةٍ أرسلْت برعماً من شقِّ الحائط!
ما لأعدائنا حقراء جداً،
لماذا لا يبتسمون للحياة مثلَنا؟
هل رداءةٌ فينا تجعلهم كذلك؟
لكننا لم نقتل، لم نسرق، لم نحرق
ولا نريدُ مَوتهم!
من أجلكِ يشتعل المصباح
ياأنتِ التي جمالُها يلتقطني من الفوضى،
أولاً كانت الدهشةُ ثم كانت الرغبةُ في القرب
ثم تجاوزتُ كلَّ القناطر لأُعانقَكِ وأنا اصيحُ من لذة.
عوالمُكِ مختلفات، اليوميّ والازليّ.
الحميم والنائي جداً لا أراهُ إلا بعُسر.
وعليَّ أن أصونكِ عما تشتهينه،
خشيةً على المصابيح التي تضيء الأزمنة.
كان عليَّ أن أحرسَكِ من مرتَزقة الليل وشُحّاذ المكاتب
ومن الكتَبة العَوام يريدونَكِ محظيّةً وتريدينهم عشاقاً
يلعقون رونقَكِ من بُعْد،
هم يلتذّون وأنتِ!
كيف بعْدُ إنقاذُكِ من النسيان ومن صخب الحضور
ومن الأيدي ممدودةً إليكِ بما يثير مسرّات؟
كيف وأنا أُريدُكِ سيدة الصالة المَصون
وأُريد الصباحَ يطلع من أجلك
وأنتِ تطلعين من أجل حبنا،
حبنا الذي ظلَّ بلا رِيّ، غيرَ محبّاتٍ نصفِ ميتةٍ من عابرين
غير تحياتٍ من أكفٍّ خائبةٍ، هي حركات أذرعٍ فقدت شيئاً.
غيابُ حبكِ في غير أوانه ، غيابٌ قاسٍ.
أُحسُّ بظلٍ يهبط ويمسحُ الذاكرة.
علي أن اعُود بانتظار ان يكتملَ النسيان.
لاتليق بكِ الأقنعة.
وأنا الآن أتذكر ويوجعُني ما أرى،
وأنا " أحلم ويخجلني حلمي ".
لكن عليّ احترام عينيكِ الدافئتين بخجل
ونظراتِكِ تحرفينها بحياءٍ فيه ندى
وصمتِكِ كأنْ على ندم.
انتبهي، من أجلكِ يشتعلُ المصباح!
يكفينا أننا أحبَبْنا في زمن الفاكهة المسمومة،
وبين البنادق السود والأحذية الثقيلة.
يكفينا أننا اردنا الحياةَ ، والحياةَ كما نتمنى.
لكني نسيتُ أن أقول لكِ:
كان زاهدٌ يعيش في كوخ آخرَ المدينة . يعيشُ وحدَهُ في بستان.
مات وصحتُه جيدة. كان يقتلع شجره. أدهشنا موتُه.
انطفأت نارُه، لم تجد من تضيء له.
كانت صحتُه جيدة!
أيّها الغسَقُ الجميل
تمرُّ الى العمل كما الى موعدٍ
وفي الطريق، تمشي كما ستدخلُ في بستان
والى الجانبين وجوهٌ تنتبه
او تتحسرُ
او ترى مالم ترَهُ من قبل.
توقفتُ
كما لو ان الخلودَ سيمسُّ كل شيء
ماعدتُ افكِّر بالحب
أجهزتي كلها أوقفَتْها قوةٌ مجهولة،
ريثما تتمُّ اعادةُ تكويني،
لاكون لها وحدَها. انا اين كنت؟
العالمُ الذي تمنيتُ تغييرَه
قد تغيرَ سماءً وحياة!
حين وقفتْ تتطلّع عند الباب
أرتني سفينةً مرفوعةَ الصاري
محملةً بقمحٍ ذهبيٍ حولها قارةٌ من جياع.
سلاماً حبيبتي، ايها الغسَقُ الجميلُ الذي
يُرى من كل مكان
ويَنْشُرُ حيث يكونُ أقاصيص...
قطف الكمثرى
مزهوةً بالتواضع والرضا جميلةٌ في الخطى المطمَئِنّة
هذا الجسد الغنِجُ يفرض وهو يسير نفوذَه
على الشارع، ابنيةً، بشراً وواجهات
هي تمشي وابتسامتُها المحسوبةُ تنتقل الى المارة
من دون ان تفارقَها.
سيدةُ الفصول الجبلية ، مانحةُ البهجة هذه،
تُطلِعُ وهي تمرّ سعادةَ الاقحوان على حَجَر الطريق.
بشَرُنا اليابسُ، بشَرُنا الناضحُ عرقاً في البرد،
بشَرُنا المحرومُ من اللطف والمَلْمَسِ الناعم،
ينعشُه مرورُها الشذيّ،
ينظر لها كما يتلقّى هبات،
كما سيصلُ الى بيتِه البعيد،
كما سينالُ راتبَهُ قبل موعده،
كما سيربح جائزةَ يا نصيب.
هي تمشي مبتسمة،
وهَجُها ناصعٌ مستديرٌ كقرص من الضوءِ الإلهي،
هانئةً بفرح الناس بها،
مرتاحةً لسلام الطريق وتَرحابهِ الوَدود.
لا تدري ما تفعلُ لكل هذا الحب،
لكل الاشتهاء والرغبة،
لكل الإجلالِ وخفْقِ الارواح للوصول.
كأنْ استراحتْ. كأنْ قطفتْ الكمثرى من الغصن البعيد،
اتسعتْ ابتسامتُها
وتوهّجَ وجهُها بكل لذّاتهِ وهي تصل الفندقَ وتراني!