الانتماء الى الهامش سمة غالبة لمعظم العراقيين ، اصبحت بفضل النخب السياسية المشاركة في الحكومات المتعاقبة "هوية وطنية" لملايين العراقيين ، تبددت احلامهم في الحصول على موقع في المتن باقامة نظام ديمقراطي ، يعزز دولة المواطنة ، يلغي الاصطفافات المذهبية والقومية يحقق التنمية ويحترم حقوق الانسان ، الشعور بالتهميش والاقصاء دفع قوى سياسية السنية على وجه التحديد الى المطالبة بالمناصب لاعتقادها بان الحيف الذي طال مكونا اجتماعيا معينا ، سيجعله في المتن ، التخلص من الهامش بتنفيذ نظرية التوازن وتقاسم المناصب ، موقف سياسي لا يعبر عن ارادة شعبية ، بقدر ما يجسد رغبة حزبية فئوية كتلوية في الحصول على حصة من المغانم ، بمزاعم المشاركة في ادارة الدولة واصدار القرار.
المكوث في الهامش حقيقة تجسدت في العراق منذ عشرات السنين ، بفعل عوامل من ابرزها الصراع على السلطة ، وهيمنة الحزب الواحد الاحد على مقدرات البلاد والعباد ، وانحسار دور الطبقة الوسطى، فضلا عن عسكرة المجتمع لضرورات تتعلق بخوض حروب خرج منها العراق و بذمته ديون متراكمة بمليارات الدولارات لصالح دول لطالما أعلنت دعمها لحارس البوابة الشرقية .
القضاء على ما تبقى من مظاهر الدولة بعد الغزو الاميركي ، وسوء الاداء الحكومي ، وغياب برامج التنمية طيلة السنوات الماضية ، وسع الهامش العراقي ، فضم العاطلين عن العمل اغلبهم حملة شهادات جامعية ، الغاء نشاط القطاع الخاص ، ملايين الايتام والارامل جراء اعمال العنف واتساع نشاط الجماعات الارهابية ،عوامل جعلت الهامش يحتل مساحة كبيرة من الواقع الاجتماعي ، مقابل ذلك تجاهلت النخب السياسية خطورة القضية ، وتداعياتها المستقبلية على الرغم من ان القابعين في الهامش في مواسم اجراء الانتخابات التشريعية والمحلية يشكلون قاعدة واسعة بإمكانها تغيير المعادلة الانتخابية لصالح طرف على حساب آخر .
الهامش موطني حقيقة ترسخت في الواقع العراقي ، معادلة مضطربة بحاجة الى اجراءات اقتصادية تدعمها تشريعات تضمن بناء دولة مدنية عصرية ،هذا التوجه تطرحه الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية عبر تصريحات اعلامية ، سرعان ما تتبدد في مفاوضات الغرف المغلقة ، لتقاسم المناصب ورئاسات الهيئات المستقلة ، باعتماد الاستحقاق الانتخابي ، مصدره اصوات الهامش "المضروب بوري" من كتل نيابية ، استولت على المتن في الزمن الديمقراطي بنسخته العراقية .في ظل اضطراب الاوضاع الامنية ، انضم النازحون من المناطق الخاضعة الى سيطرة تنظيم داعش الى الهامش ، الحكومة الحالية تواجه مشكلات مالية ، فرص تحقيق الاصلاحات تحتاج الى توافقات ، او صفقات ليحتفظ كل طرف بموقعه في المتن العراقي ، قانون تشكيل الاحزاب مازال يخضع للشد والجذب ، العلاقات الخارجية مع الدول المؤثرة في المنطقة ، مازالت بحاجة الى المزيد من الجهود لتطويرها ، اعادة ترتيب البيت العراقي مسؤولية القادة السياسيين باعتماد برامج وليس بألقاء مواعظ يومية ، كل هذه الاسباب جعلت الهامش موطن اغلب العراقيين .
الهامش موطني
[post-views]
نشر في: 23 أغسطس, 2015: 09:01 م