TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الهامش موطني

الهامش موطني

نشر في: 23 أغسطس, 2015: 09:01 م

الانتماء الى الهامش سمة غالبة لمعظم العراقيين ، اصبحت بفضل النخب السياسية المشاركة في الحكومات المتعاقبة "هوية وطنية" لملايين العراقيين ، تبددت احلامهم في الحصول على موقع في المتن باقامة نظام ديمقراطي ، يعزز دولة المواطنة ، يلغي الاصطفافات المذهبية والقومية يحقق التنمية ويحترم حقوق الانسان ، الشعور بالتهميش والاقصاء دفع قوى سياسية السنية على وجه التحديد الى المطالبة بالمناصب لاعتقادها بان الحيف الذي طال مكونا اجتماعيا معينا ، سيجعله في المتن ، التخلص من الهامش بتنفيذ نظرية التوازن وتقاسم المناصب ، موقف سياسي لا يعبر عن ارادة شعبية ، بقدر ما يجسد رغبة حزبية فئوية كتلوية في الحصول على حصة من المغانم ، بمزاعم المشاركة في ادارة الدولة واصدار القرار.
المكوث في الهامش حقيقة تجسدت في العراق منذ عشرات السنين ، بفعل عوامل من ابرزها الصراع على السلطة ، وهيمنة الحزب الواحد الاحد على مقدرات البلاد والعباد ، وانحسار دور الطبقة الوسطى، فضلا عن عسكرة المجتمع لضرورات تتعلق بخوض حروب خرج منها العراق و بذمته ديون متراكمة بمليارات الدولارات لصالح دول لطالما أعلنت دعمها لحارس البوابة الشرقية .
القضاء على ما تبقى من مظاهر الدولة بعد الغزو الاميركي ، وسوء الاداء الحكومي ، وغياب برامج التنمية طيلة السنوات الماضية ، وسع الهامش العراقي ، فضم العاطلين عن العمل اغلبهم حملة شهادات جامعية ، الغاء نشاط القطاع الخاص ، ملايين الايتام والارامل جراء اعمال العنف واتساع نشاط الجماعات الارهابية ،عوامل جعلت الهامش يحتل مساحة كبيرة من الواقع الاجتماعي ، مقابل ذلك تجاهلت النخب السياسية خطورة القضية ، وتداعياتها المستقبلية على الرغم من ان القابعين في الهامش في مواسم اجراء الانتخابات التشريعية والمحلية يشكلون قاعدة واسعة بإمكانها تغيير المعادلة الانتخابية لصالح طرف على حساب آخر .
الهامش موطني حقيقة ترسخت في الواقع العراقي ، معادلة مضطربة بحاجة الى اجراءات اقتصادية تدعمها تشريعات تضمن بناء دولة مدنية عصرية ،هذا التوجه تطرحه الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية عبر تصريحات اعلامية ، سرعان ما تتبدد في مفاوضات الغرف المغلقة ، لتقاسم المناصب ورئاسات الهيئات المستقلة ، باعتماد الاستحقاق الانتخابي ، مصدره اصوات الهامش "المضروب بوري" من كتل نيابية ، استولت على المتن في الزمن الديمقراطي بنسخته العراقية .في ظل اضطراب الاوضاع الامنية ، انضم النازحون من المناطق الخاضعة الى سيطرة تنظيم داعش الى الهامش ، الحكومة الحالية تواجه مشكلات مالية ، فرص تحقيق الاصلاحات تحتاج الى توافقات ، او صفقات ليحتفظ كل طرف بموقعه في المتن العراقي ، قانون تشكيل الاحزاب مازال يخضع للشد والجذب ، العلاقات الخارجية مع الدول المؤثرة في المنطقة ، مازالت بحاجة الى المزيد من الجهود لتطويرها ، اعادة ترتيب البيت العراقي مسؤولية القادة السياسيين باعتماد برامج وليس بألقاء مواعظ يومية ، كل هذه الاسباب جعلت الهامش موطن اغلب العراقيين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram