على طريقة المثل الشهير "عين بالنار وعين بالجنة" يتحرك بعض نوابنا " الاشاوس " ، ا منهم من أضنى السهر عينه المصوبة على كرسي الوزارة ، فقرر أن يمم وجهه شطر الاستقلالية ، طارحا نفسه باعتباره " السياسي المستقل " الذى يحتفظ بمسافة بينه وبين الحكومة ويقف على المسافة نفسها من الاخرين ، حتى جاءت موقعة الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، وجرى ما جرى وألقت المقادير بالبعض منهم ليحصلوا على كرسي البرلمان ولا يهم ان تكون الواسطة هذه المرة ظهر زورق يملكه رجل اعمال ، كان له الفضل في تعرف العراقيين على معجزة علمية مثل جهاز كشف الروائح الذي اطلق عليه "تحببا" اسم جهاز مقاومة التفجيرات، والذي راح ضحيته آلاف من الابرياء.
صحيح أننا نعيش عصر السخرية النيابية التي طالت كثيرا، الا ان سخرية عن اخرى تفرق، فهناك من يسخر معنا وهناك من يسخر منا، وهناك من يريد ان يجمع السخرية بالتسلية، والى هذا النوع ينتمي البيان الاخير الذي اصدره النائب مهدي الحافظ امس الاول، والذي طالب فيه باعلان حالة
الطوارئ.
هكذا وبكل بساطة يخترع لنا البعض كل يوم عدوا جديدا كى يلهي الناس عن العدو الحقيقى ، إنها قمة السخرية أو بالأحرى قاع الافلاس ، غير أن المحير أكثر هو هذا التناقض الواضح في بيان السيد الحافظ ، بين الدفاع عن الحريات الشخصية وبين قتاله العنيف من أجل قوانين سيئة السمعة مثل قانون الطوارئ الذي يهدف الى الانقضاض على الاحتجاجات الشعبية ومحاولة "تجيير" مطالب الناس بالاصلاح لقوى سياسية كانت حتى يوم امس مصرة على تجديد البيعة الدائمة للسيد نوري المالكي، ناهيك عن تناقضات أخرى مضحكة بين سيل الكلمات الوردية عن الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان، وبين عصبية صاحب البيان وهو يتحدث عن العواصف والأخطار المحدقة بالعراق، لو ان رئيس الوزراء لم يخرج على قناة العراقية ليعلن البيان رقم واحد.
ولانني اجهل فلسفة التاريخ التي يقوم عليها مشروع الدكتور مهدي الحافظ، فقد حاولت ان اعود الى فكرة البطل المنقذ التي حاول المرحوم ارنولد توينبي ان يشرحها لنا والتي تتلخص في ان البعض يتوهم انه اعظم من كونه رجلا عاديا، ففي وسعه انجاز ما يظنه غيره "معجزات".
هذا اذن هو مشروع الدولة العملاقة الذي روج له ائتلاف الدباس في بيانهم الانتخابي؟ دولة يعتقد البعض ان مفاتيحها واسرارها يجب ان تبقى بيد حكومة طوارئ يشاركون فيها لانهم وحدهم الذين يعرفون مصالحها واسرار تشغيل ماكينتها، متناسين ان مثل هذه الماكينات لن تنتج في النهاية نظاما استبداديا يمتص مشروع الدولة التي يراد لها ان تبقى دوما تحت رعاية مافيا "اجهزة كشف المتفجرات".
حكومة طوارئ على مقاس "الدباس"
[post-views]
نشر في: 23 أغسطس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 4
خليلو...
ألا تدري يا أخي أن هذا البيان رجع الصدى للزعيق الذي نسمعه ونرى صورته كل مساء في وسيلة للإعلام المرئي .هذا ثمن الوصول الى كرسي البرلمان بالواسطة! وا أسفاء على الرجال حين تنزلق أقدامهم مدفوعين نحو الهاوية ولسان الحال في إحدى لحظات العودة الى الوعي يقول : يا
حسين العبادى
لماذا لانناقش الامور برويه حكم طوارىء هوالامثل لبلدنا ثلاثة عشر سنه من اصغر وحده اداريه مجالس الاقضيه والنواحى الى مجالس المحافظات الى مجلس النواب الى مجلس الوزراء حتى مجلس القضاء الاعلى ووصل الامر الى الوقفين السنى والشيعى وجميع الاجهزه الامنيه بدون استث
محمدسعيد العضب
تعقيب حول مقاله الاستاذ في المدي اطروحات ومعالجات الكاتب واضحه واستهدفت تبيان طبيعة وسلوكيات الطبقة السياسية الحاكمة في العراق منذ عام 2003 ولغايه يومنا هذا. فهذه الطغمة ورغم تباين اصولها التاريخية وانتماءاتها الحزبية او ادعاءاتها بالاست
محمدسعيد العضب
نامل ان تنشر التعليقات والحد من الرقابه الفكريه والتعبير الذاتي , لان الرقابه علي الراي ورث عتيق واصيل في الممارسه الاعلاميه في العراق وبحجج عديده واهيه منها لاحصر ادعات اللغه ,واخرها وليس اخيرها عدم التماشي مع مصلحه الناشر . اعتقدت ا