حذرت صحيفة أميركية عالمية الانتشار، أمس الثلاثاء، من تداعيات الهبوط "غير المسبوق" في أسعار النفط العالمية على استقرار الدول التي يعتمد اقتصادها كلياً على إيراداته ومنها العراق، وفي حين رأى خبراء أن بغداد مطالبة بإنفاق أموال طائلة لا لمحاربة (داعش) فق

حذرت صحيفة أميركية عالمية الانتشار، أمس الثلاثاء، من تداعيات الهبوط "غير المسبوق" في أسعار النفط العالمية على استقرار الدول التي يعتمد اقتصادها كلياً على إيراداته ومنها العراق، وفي حين رأى خبراء أن بغداد مطالبة بإنفاق أموال طائلة لا لمحاربة (داعش) فقط، إنما لتمرير الكثير من الصفقات السياسية التي تحتاج إلى الحسم حفاظاً على بقاء دعم المجاميع المختلفة للحكومة، عد آخرون أن النزيف الحاصل بميزانيات الحكومات المعتمدة على النفط سيضطرها لإجراء تقليصات "دراماتيكية" بالإنفاق أو اللجوء أكثر لخيارات الاقتراض الخطرة، إن لم يكن كليهما معاً.

وقالت صحيفة النيويورك تايمز The New York Times الأميركية، في تقرير لها يوم أمس، عن تبعات تدهور أسعار النفط العالمية لمعدلات غير مسبوقة على اقتصاديات البلدان التي تعتمد كليا على وارداتها النفطية، تابعته (المدى برس)، إن "سعر البرميل كان قبل عام بحدود 103 دولارات قبل أن يسجل هبوطاً حاداً اول من أمس الاثنين،(الـ24 من آب 2015 الحالي)، إلى 42 دولاراً"، عادة أن "أبرز الدول المتأثرة بذلك الهبوط هي العراق وروسيا وفنزويلا ونايجيريا" .
وذكرت الصحيفة، أن "عوامل عدة فضلاً عن النفط، تهدد استقرار العراق، تتمثل بتنظيم داعش والتناحر السياسي الطائفي، فضلاً عن موجة الاحتجاجات الشعبية التي عمت البلاد آب الجاري، نتيجة فشل الحكومة في توفير الخدمات، وعلى رأسها الكهرباء، للمطالبة بتوضيحات عن مصير أموال النفط وكيف انفقت" .
وفي روسيا، التي تعد من كبريات الدول المنتجة للنفط، بحسب النيويورك تايمز، فإن "هبوط أسعار النفط الذي يرافقه هبوط قيمة العملة المحلية، سيؤدي إلى مضاعفة الأعباء على الجانب الاستهلاكي نظراً للحاجة لإنفاق مبالغ أكبر لتامين السلع"، مشيرة إلى أن "نيجيريا وفنزويلا اللتين تعتمدان كلياً على موارد صادرات النفط، سيزيد هبوط أسعار النفط العالمية من مخاوف حدوث اضطرابات وعدم استقرار اقتصادي فيهما".
وأضافت الصحيفة، أن "الاكوادور التي تقلصت فيها موارد النفط إلى النصف تقريباً منذ العام 2014 المنصرم، فإن عشرات الآلاف من المتظاهرين ينزلون إلى الشوارع اسبوعياً معربين عن استيائهم من السياسات الاقتصادية لحكومتهم"، مبينة أن "الأمر لم يقتصر على العراق وروسيا وفينزويلا، بل تعداه أيضا لأخرى غنية مثل السعودية التي اضطرت للاقتراض من الأسواق المالية، للمرة الأولى منذ العام 2007، حيث تنفق العائلة المالكة من أموال النفط بنحو باذخ للحفاظ على شرعيتها، وتحرق قرابة 10 مليارات دولار شهريا من أرصدتها من العملة الصعبة، لتغطية نفقاتها اليومية".
وأوضحت النيويورك تايمز، أن "دولاً خليجية أخرى معتمدة على صادرات النفط، بدأت تواجه حالات عجز مالي في ميزانيتها للمرة الأولى منذ عقدين، بضمنها الكويت وعمان والبحرين".
ونقلت الصحيفة عن الأمين العام السابق لمنظمة الأوبك ووزير الطاقة السابق للأكوادور، رينيه جي اورتز، قوله إن "وقع ألم هبوط أسعار النفط سيكون شديداً على تلك الدول التي كانت تحلم بأن يكون ذلك الهبوط مؤقتاً ولمدة وجيزة ."
وخمن اورتز، "الخسائر التي تكبدتها كبريات الدول المصدرة للنفط مجتمعة من جراء هبوط أسعاره، خلال العام 2014 المنصرم، بحدود التريليون دولار" .
وقال محللون اقتصاديون، وفقاً للنيويورك تايمز، إن "معدلات الإنتاج العالية للنفط تساعد في تفاقم أزمة هبوط الأسعار التي قد يكون لها عواقب سيئة على البلدان المعتمدة على وارداته، نتيجة تسببها بجروح اقتصادية ذاتية، قد تثير مشاكل اجتماعية وسياسية أخرى"، مؤكدين أن "الدول المصدرة للنفط كلها في منطقة الشرق الأوسط، تتنافس بينها للحفاظ على حصتها من السوق الآسيوية" .
من جانبه، "لم يخف وزير النفط الإيراني، بيان نامدار زنكنة، طموحات بلده من سعيها لزيادة إنتاجها النفطي"، كما أوردت الصحيفة، مبينة أنه قال في تصريح لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، الأحد(الـ23 من آب الحالي)، إن "إيران ستزيد إنتاجها النفطي مهما كلف ذلك من ثمن"، مؤكداً "ليس لدينا أي بديل آخر ."
على صعيد متصل نقلت النيويورك تايمز، عن لؤي الخطيب، من مركز بروكنغز للدراسات الاقتصادية في الدوحة، قوله إن "السوق العالمية تشهد تنافساً بين الدول المصدرة للنفط على حصصها"، مشيراً إلى أن "أغلب تلك الدول تعتمد بنحو رئيس على واردات النفط لدعم اقتصادها، وإذا لم يتعاف سعره ليصل إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل، مع استمرار الدول العربية بالاعتماد على موارد النفط فقط، فقد نشهد عقوداً من هبوط الأسعار ."
بالمقابل قال مبعوث الخارجية الأميركية والمنسق الدولي السابق لشؤون الطاقة في إدارة الرئيس باراك أوباما الأولى، ديفد غولدواين، بحسب الصحيفة، إن "سعر خام برينت إذا ما بقي دون الـ 45 دولاراً للبرميل، يعني بمثابة رفع الراية الحمراء لمشاكل عدم الاستقرار التي ستجتاح دول الإنتاج النفطي ."
وأضاف غولدواين، أن "النزيف الحاصل في ميزانيات الحكومات المعتمدة على النفط سيضطرها لإجراء تقليصات دراماتيكية في إنفاقاها أو اللجوء أكثر إلى خيارات الاقتراض الخطرة، إن لم يكن كليهما معا ."
وتابع المسؤول السابق، أن "البلدان التي لا تمتلك احتياطيات كبيرة من العملة الصعبة، ستكون الأكثر تعرضا للمخاطر، مثل نايجيريا وانغولا والجزائر وفنزويلا والعراق"، مبيناً أن "الدول التي تحتاج لإدامة الاستثمار للحفاظ على شرعيتها السياسية، التي عليها أن تقلق هي كل من البرازيل وروسيا وحتى إيران ."
من جانبها ، أعربت مديرة برنامج سياسات الطاقة الجغرافية في كلية كندي بجامعة هارفارد، الخبيرة ميغان اوسوليفان، كما بينت النيويورك تايمز، عن "القلق البالغ إزاء تأثير هبوط أسعار النفط على العراق" .
وأضافت اوسوليفان : "ليست محاربة داعش تقتضي إنفاقاً كبيراً من الأموال فقط، لكن هناك الكثير من الصفقات السياسية التي تحتاج إلى حسمها وتتطلب إنفاق الأموال للحفاظ على بقاء دعم المجاميع المختلفة لصالح الحكومة ."
يذكر أن نفط خام برينت، سجل أمس الأول الاثنين، أوطأ سعر له منذ العام 2009 بحسب بورصة لندن، ليبلغ 45 دولاراً للبرميل، في حين انخفض سعر خام ويست تكساس الأميركي بنسبة ثلاثة بالمئة، إذ طرح للسوق بسعر 39 دولاراً للبرميل.