TOP

جريدة المدى > سينما > تحت السيطرة .. مسلسل ذو سياق درامي اجتماعي وبنية نفسية

تحت السيطرة .. مسلسل ذو سياق درامي اجتماعي وبنية نفسية

نشر في: 27 أغسطس, 2015: 12:01 ص

تظهر اهمية النص الدرامي اجتماعيا في مسلسل"  تحت السيطرة " بين وجوه متعبة نفسيا تكثـر في مجتمعات تؤمن بالفرد واهميته الانسانية التي تتخطى متاعبها بفكر تحليلي ومقاومة ذاتية تتحدى بها الصعوبات الحياتية بصلابة .
الا انها احيانا لا تستطيع تقديم ما ي

تظهر اهمية النص الدرامي اجتماعيا في مسلسل"  تحت السيطرة " بين وجوه متعبة نفسيا تكثـر في مجتمعات تؤمن بالفرد واهميته الانسانية التي تتخطى متاعبها بفكر تحليلي ومقاومة ذاتية تتحدى بها الصعوبات الحياتية بصلابة .

الا انها احيانا لا تستطيع تقديم ما يجعله قادرا على بناء نفسه ليواجه المصاعب المرتبطة بضعف الارادة او الاعصاب الحساسة التي لا تستطيع مقاومة اية ازمة تحتاج لحنكة ومعرفة مع احتواء لكل ما يفكر به او بنتائجه المسبقة التي تصاحبها مساوئ اختيارات نحملها على اكتافنا بل وتلتصق بنا حسناتها وسيئاتها على مدى الحياة، لانها ذات ضرر كبير نفسي وجسدي، وبالمحيطين فينا في مجتمع لا نستطيع ان ننسلخ منه لانه المساحة التي اخترناها للعيش او تلك المفروضة علينا منذ الولادة ، فهل استطاع مسلسل "تحت السيطرة" تقديم دراما اجتماعية بناءة وهادفة في شهر رمضان الكريم؟.
قدمت الكاتبة "مريم نعوم" نصا دراميا مفعما بحالات الادمان المدروسة نفسيا، والقادرة على اظهار حياة هؤلاء ومعاناتهم وقبول المحيط الاجتماعي لهم او رفضهم المباشر بسبب محاولاتهم المستمرة لممارسة تعاطي المخدرات والحركة الدؤوبة للخروج من مأزقهم الادماني، وهذا ما استطاع تقديمه بدراسة وافية للشخصيات من خلال مستشار الطب النفسي دكتور "نبيل القط" الذي استطاع منح الشخصيات رؤيته النفسية بمنطق مقنع ويؤدي الى زيادة نسبة الاقناع والتأثر عند المشاهد، وكأنه وجها لوجه امام المدمن وبتحليل نفسي لكل حالة نفسية يفك الحدث غوامضها التي تفاجئ المشاهد لما تحمله من ادوار داخلية تتفوق على الدور الخارجي الذي تلعبه، وكأن كل شخصية تحاكي المشاهد باسلوبها الخاص وبحالاتها التي تترجم دراميا الوضع النفسي وما يترتب عليه من تفاعلات درامية تخطت من خلالها "نيللي كريم" الذات واخرجت مخزونها التعبيري بجدية ومعايشة عبثية احيانا وبتوليفة تناغمت مع طبيعة الشخصية وقدرتها على خلق حالاتها الخاصة، وبتعاطف يثير شفقة المشاهد الذي عاش اجواء مسلسل "تحت السيطرة " بخوف من المدمنين وأمل في مدى الشفاء والتخلص من هذه الافة الاجتماعية . الا وهي ادمان المخدرات وغيرها.
موسيقى تصويرية قوية نفسيا على المشاهد، وربما احتاجت الموسيقى التصويرية الى دراسة مشهدية تتواءم مع حالات الشخوص النفسية وعلاقاتها المتشعبة والمتفاوتة، وهذا التفاوت لا بد للموسيقى التصويرية ان تتأرجح معه بنغماتها الخفيفة والقوية، وايضا بمستوبات الآلات الموسيقية التي تحاكي السمع بمعناها الخفي في المشهد والتأثير عليه ، فالموسيقي " تامر كروان" توازن حسيا مع المشهد، لكنه لم يقدم معادلة نفسية لذلك وهذا له صعوبته التي يلمسها المؤلف الموسيقي بمخيلته الدرامية وموسيقاها الباطنية دون ان ننسى تصميم البرومو والتتر للفنان "احمد يسري" بديناميكية وحركة اختزل من خلالها الصورة من البداية الى النهاية.
رسمت الفنانه "نيللي كريم" خطوط الشخصية الحدث بدقة لمفهوم يتطور مع القضايا التي تتناولها الشخصية من علاقة حب سابقة، وزواج ومن ثم مشاكل الحمل والتأثر العاطفي به ومشاكل الزواج، ومن ثم الاحساس بالامومة وما يتبعه من منظور علم النفس التحليلي، والعيادي دون شرخ في الشخصية، وهذا ما ساعدت به البنية النفسية المتينه في مسلسل "تحت السيطرة" والذي ينطوي على افكار كامنة في كل شخصية وأقواها في شخصية الفنانة "نيللي كريم" دون أن يغفل المؤلف والمخرج دور المجتمع في التعاطي مع سيمياء النص الدرامي الذي يستهدف تعاظم الادوار وتبادلها ضمن كل حلقة تجانست فيها المشاهد، وتناقضت احداثها بتباعد، وكأن المؤلفة قصدت هذا التباعد والتقارب بالاحداث التي يستكمل بها مسارات التحول في هذه الدراما التي استطاعت فيها الممثلة "نيللي كريم" إبقاء الدور تحت سيطرتها وقدرتها التمثيلية التي اندمجت مع المخرج ببراعة ممثلة منحت دورها قوة وثباتا وشمولية اكثر عمقا من ادوارها السابقة رغم قوتها .
الادمان ومشاكله والاثار المساعدة على تفتيت النفس وتركها مسلوبة الارادة من الداخل دون ادراك للنتائج المهلكة التي تصيب الانسان بما هو قاتل في مسلسل نجح طاقم العمل به وان بتفاوت العناصر الاساسية البنائية المكملة لهذه الدراما ، ولكنها لم تقف عثرة بوجه النص والممثل وجمالية كل حلقة تمسك بخيوط الحلقة الاخرى . مما يبعد عن المسلسل صفة التكرار او الملل خصوصا وان الموضوع عبارة عن حالات لمدمنين مختلفة. الا ان كيفية ترجمة هذه المشاكل والتغلب عليها هي بحد ذاتها فن ادائي تميز به الابطال .
تأليف واداء واخراج لواقع اجتماعي متخيل دراميا دون ان يتخطى المؤلف المقبول وغير المقبول من حيث المرأة المدمنة، وخطورة ذلك على جنين او على جينات وراثية قد يحملها الجنين من امه المدمنة، وما بين المحظور واظهار الحالة كما هي نستطيع القول اننا تعرفنا على حياة المدمنين ومعاناتهم من خلال هذا المسلسل الذي خاطب الملايين عبر مشاهده وعناصرة المكونة لبناء تمثيلي او درامي يميل الى خلق محاكاة بين المشاهد وكل شخصية وبتحليل تراجيدي ذي جدلية وتعقيد يمكن فك ازمته بعقلانية يرى من خلالها قوة التناقض بين الحياة والموت والخير والشر والاستسلام والمقاومة واهمية الارادة في تطوير النفس البشرية التي تعاني من ثغرات ضعف في بنائها البشري ، فهل مسلسل "تحت السيطرة" جعل المشاهد في حالة من الخوف ليرى حقيقة الحياة عند المدمن وفاعلية السيطرة عليها؟ وهل تخطى المسلسل بالفن الادائي حالات شخوصه التي عايشناها وتعاطفنا معها وحاكمناها بنوع من العلاقات الغامضة التي نشأت بين الشخوص والمشاهد؟ ام ان مستشار الطب النفسي في المسلسل " نبيل القط" راهن على كل هذا نفسيا؟
المسلسل من بطولة نيللي كريم ، محمد فراج، ظافر العابدين، احمد وفيق، هاني عادل، جيهان فاضل، هاني خليفة،ومن تأليف الكاتبة “مريم نعوم” واخراج “تامر حسن”.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram