جاسم يوسف الياسرياسمحوا لي ان اصحبكم في قراءة سريعة لعمل ادبي روائي ينتمي الى الادب العراقي الملتزم. ودعونا نقلب اوراقا في رباعية المؤلف (شمران الياسري) بشكل انتقائي.. اذن هو ليس عرضا كاملا» لأجزاء الراوية الاربعة (الزناد، بلابوش دنيا، غنم الشيوخ، فلوس أحميد)، وانما بقصد اعطاء فكرة عن هذا العمل الابداعي..
أما من يرغب في قراءة الرواية بشكل كامل  فقد قامت مطبعة الرواد باعادة طبعها ويمكن الحصول عليها من المكتبات..ان قراءتي للرباعية ليست نصية، ولاهي بطريقة العرض النقدي.. فقد حررت نفسي من ذلك، ولكنني سأشير في بعض الاماكن الى النصوص المقتبسة من هذا الجزء او ذلك ورقم الصفحة.. وماعدا ذلك فهو يمثل فهمي لمقاصد المؤلف واجتهاداتي في تفسير ذلك.. مع بعض الهوامش والشروح.آمل ان اوفق في ذلك.. مع ملاحظة انني ساستعمل اللغة الفصحى والشعبية، تماما كما فعل المؤلف..مقدمة وتعريف باشخاص الروايةان رواية (ابو كَاطع) باجزائها الاربعة تؤرخ لحقبة زمنية طويلة في تاريخ العراق خلال القرن العشرين.. ويمكن لمن يقرأ الراوية ان يحدد تواريخ احداثها من خلال مايرد على ألسنة شخوص الرواية من حوارات.فاحداث الرواية تبدأ بوصف الجو العام لجلسة في (رَبعة) احد رؤساء العشائر. والرَبعة بيت قصب متواضع لاستقبال الضيوف، وهو اصغر من المضيف، لان امكانات رؤساء العشائر انذاك محدودة..الجالسون في الرَبعة هم شيخ (سعدون بن مهلهل) شيخ العشيرة.. وندماؤه:(حسين ابو ناصر)، انسان متعلم نسبيا، يقرأ ويكتب (خريج الكتاتيب). والكتاتيب انذاك بمثابة تعليم عال، يوم لم يكن هناك عدد كبير ممن يقرؤون ويكتبون، حتى ان من تأتيه رسالة يبحث له عمن يقرأها. وتطلق تسمية (ملا) على مثل هذا  الشخص، وهي غير تسمية رجل الدين.وحسين ابو ناصر، أو ملا حسين يهوى الشعر الشعبي، يحفظه ويتابعه ويترنم به لحد العشق.- الشخصية الثانية الرئيسة في الرواية (خلف الدواح) نديم الشيخ سعدون بن مهلهل.. وصديق الطفولة والصبا.. انسان تلقائي وصاحب لازمة يكررها باستمرار (بلابوش دنيا) وهي تعني كلمة استنكار وتعجب وربما (تُعسا لهذه الدنيا). وهو طيب السريرة.. مزوح، وسنتعرف عليه لاحقا بشكل اكثر.- غافل شخصية سلبية همه الاول ان ينال رضا شيخ العشيرة (سعدون).*الشيخ سعدون يوفر المكان (الربعة) ويقدم القهوة باعتبارة رئيس العشيرة والرجل الاول في القرية وربعته هي محل ادارة شؤون العشيرة، هناك شخصيات اخرى ترتاد الربعة ولكن اغلبهم مستمعون..*الكل يشرب القهوة ويدخن (وماطول كَهوة وتتن كل الامور تهون) فوقت فراغ الفلاحين كثير في المساء، بعد عمل نهار، ولابد من السهر ولو لوقت محدود..*باقي الشخصيات سنتعرف عليهم من خلال متابعة احداث الرواية.يلتقط المؤلف اول خيط سياسي لروايته، فها هو الشاعر (حسين ابو ناصر) ُيلقي شعرا شعبيا على شكل اهزوجة (هوسه) قالها ثوار الفرات:(أكلن لج يجامعة الحسن عيناج.. فنّ كوكز وديلي إبعسّكره يدناجكون اهلج جفوج احنه بطرب جيناج.. خّل يمّن كلبج يرعيعه)رأيت من المناسب شرح هذه الأهزوجة:تقول الأهزوجة وعلى لسان قائلها مخاطبا الارض التي يصفها بـ (جامعة الحسن) بأنه مستعد لتلبية ندائها (عيناج)، وهيهات ان يدنو منك كوكز وديلي بعساكرهم.و(كوكز) هو تحريف لاسم (السير بيرسي كوكس)، و(ديلي) هو الأخر بريطاني ـ رمزان للاحتلال البريطاني الذي ثار ضده الشعب، حيث تركزت المعارك في مناطق الفرات (إن جان أهلج جفوج احنه بطرب جيناج) يطمأن قائل الأهزوجة أرضه بأنه إذا كان البعض قد تراخى في الدفاع عنها، فها نحن قد اتينا وكلنا شوق للموت دون أرضنا. فإياك.. إياك أن تخافي: خل يمن كلبج يرعيه. و(الرعيع) هو الخائف ومؤنثه (إرعيعة). إذن فهذه الأهزوجة تؤرخ لبداية احداث الرواية..وأنا افهمها كالتالي:إن ثورة العشرين 1920 قد اندلعت ثم خمدت نارها لاسباب عديدة لا نريد الدخول في تفاصيلها، ويكفي أن نقول بأن طرفي المعادلة غير متوازنين.. جيش الدولة العظمى التي لاتغرب الشمس عن مستعمراتها وثوار لايملكون سوى أبسط أنواع الأسلحة بما فيها المكَوار وبنادق قديمة، واهم من ذلك فهم يملكون الحس الوطني.. وبالمقابل، جيش يملك طائرات ومدفعية ورشاشات تمطر الرصاص (مطر اللوز).في رواية (ابوكاطع) هناك توثيق لكيفية نشوء النظام الإقطاعي.. لان شيخ العشيرة كانت له الوجاهة الاجتماعية وكانت مسؤوليته فضّ النزاعات التي قد تحصل مع العشائر الأخرى. كما انه وبحكم مركزه هذا، فهو المتحدث باسم أبناء عشيرته أمام السلطة.. أية سلطة كانت..فالشرطي أو الجندرمة يقصد منزل شيخ العشيرة عندما يريد ابلاغ الفلاحين بأمر حكومي ان كان ذلك متعلقا بالضرائب او المطلوبين للعدالة أو لموضوع التجنيد الإجباري وما شابه.. ولا فرق إن كانت الحكومة محتلا عثمانيا او بريطانيا او في ظل مايسمى بالحكم الوطني فيما بعد...تقول الرواية في جزئها الاول (الزناد) والذي يحتوي على الكثير من المفاتيح لاحداث لاحقة إن الحاكم الانكليزي ارسل في طلب بعض شيوخ العشائر الساكنة على ضفاف نهر دجلة وتفرعاته ممن لم يشاركوا في ثورة العشرين ووزع عليهم هدية (1000) روبية. وأعرب عن رضا التاج البريطاني عنهم لانهم لم يشاركوا (بالقلاقل) على حد تعبيره مثلما فعل شيوخ وابناء الفرات. يعلق