اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > إلى والدي

إلى والدي

نشر في: 6 يناير, 2010: 04:58 م

إحسان شمران الياسري يوم 17/8/1981 توفي المرحوم شمران الياسري/ أبوكاطع في حادث سير وهو في الطريق من جيكوسلوفاكيا إلى هنغاريا لزيارة شقيقنا الأكبر المرحوم (جبران) الذي توفي هو الآخر في هنغاريا نهاية عام 2001. وانتهت حياة المناضل العراقي (شمران الياسري)، أسطورة العمود الصحفي البارز الذي أسسه بصراحته المشهورة..
 ومن سوء الحظ أن يُتوفى خارج العراق، ويكون في العراق نظام لا رحمة في قلبه، فيقرر أصدقاؤه دفنه خارج الوطن، في لبنان في مقبرة الشهداء الفلسطينيين.. ولم يشهد أهله وزوجته وأولاده تغسيله ودفنه، مع إن أصدقاءه الذين جاءوا مع جنازته من (براغ) إلى بيروت متخفين بأسماء وهمية، تولوا  تلك المهمة .. وهكذا رقد ذلك الجسد النحيل المترف الأبيض في بيروت، في ضاحيتها يترقب بوابة المقبرة عسى أن يطل عليها أهله أو أصدقاؤه..  واليوم يستذكر العراقيون مناضلا مميزا مثل (أبوكاطع)، والذي كوّن شخصيته من بين أكواخ الطين في أقاصي ريف الحي، وتتلمذ على يد والدته بمدارس القرآن الكريم والكتاتيب.. ثم دخل بغداد مثقفا واعدا، يشق طريقه في الصحافة والأدب، وقبل ذلك في النضال..    ومع إن لكل مثقف قصة، فان قصة (أبوكاطع) المميزة هي مسيرة حياته بالكامل، والتي بدأت خلال العقد الثالث من القرن الماضي، نحو عام 1927 في عائلة عريقة ومحافظة، عائلة السيد إبراهيم الياسري، عمه، ووالد زوجته لاحقا.. وهو عميد الأسرة الياسرية وأحد الشخصيات الكبيرة في وسط العراق.    يقول المرحوم أبوكاطع انه بدأ الكتابة في الصحف وهو في الريف، ولم يكن قد التحق بعد بمسيرة الشيوعيين الذين (كسروا رقبته) على حد قوله.. فقد بدأ يكتب اشياءا عامة، سب خلالها الغرب والشرق!. ثم التحق مع الشيوعيين في الطريق الوعر مطلع خمسينيات القرن الماضي (وقبل أن يبصر النور داعيكم!!)..   وعندما فتحت وزارة التربية مدرسة حمورابي الابتدائية في مشروع الدجيلة، اخذ يتردد على المعلمين فيها وعقد معهم صداقات واتفاقيات لأخذ محاضرات في اللغة الإنكليزية وبعض المفردات الأخرى.. واستطاع أن يجتاز امتحانات المراحل الدراسية بسهولة.. وقد كان الأستاذ (بهجت ياسين) والأستاذ (حسين الربيعي) أطال الله عمريهما ومتعنا بوجودهما اللذين كانا من بين، هم أساتذة المرحوم الوالد في خمسينيات القرن الماضي..   وبعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 انتقلنا إلى بغداد حيث كانت الأبواب أوسع لصاحب الذكرى في الصحافة والإذاعة، وبدأت إذاعة برنامجه المشهور(أحجيها بصراحة)، والذي أسس كما اعتقد، ويعتقد عدد آخر من الناس، للإعلام والأدب النابع من الريف.. فقد تحدث (أبوكاطع) في ارفع المنابر الإعلامية بلغة الريف المؤثرة، والتي لا تبتعد كثيرا عن لغة الشعب في كل مكان.. فاجتذب ملايين المستمعين لبرنامجه.. يقول الأستاذ (فلك الدين كاكه يي)، وزير الثقافة في كوردستان، إن الكورد كانوا ينتظرون إذاعة البرنامج كما ينتظرها فلاحو الجنوب والوسط، وينتظرها أهل المدينة..   بمعنى إن مثقفا في الثلاثين من عمره لمع في العراق في المرحلة التي أنتجت خيرة مثقفي العراق وشعرائه وحملة لواء الفكر.. فعاصر الجواهري والبياتي ومن هم بوزنهما.. وقد كانت نشرة صحفيي العراق تبدأ بالجواهري الكبير، ثم بالأستاذ جعفر قاسم حمودي، ثم شمران الياسري  بالتسلسل. وكانت اكبر مساهمات المرحوم أبوكاطع في فترة الجمهورية الأولى هي جهوده في التبشير لقرارات الإصلاح الزراعي، وإجراءات تفتيت الملكية الزراعية، التي طالت كبار الإقطاعيين.. ولكم أن تتصوروا حجم الإحراج الذي وقع فيه السيد (إبراهيم الياسري) عندما اعتقد اقطاعيو الكوت إن قرارات الإصلاح الزراعي وإجراءات المصادرة للأراضي هي من صنع السيد (شمران)، ومن ورائه عمه السيد (إبراهيم).. خصوصا وان السيد إبراهيم كان من صغار الإقطاعيين الذين طالتهم الإجراءات..   ولقد واجه أبوكاطع، مثلما واجه الشيوعيون محنة العلاقة مع الزعيم الراحل (عبد الكريم قاسم) رحمه الله.. فالمرحوم قاسم كان محبوبا من العراقيين.. وكان الشيوعيون هم حراس النظام والذائدين عنه.. ولكن الزعيم كان (يمون) كثيرا عليهم، فيزج هذا في السجن، ويسمح للأمن بملاحقتهم، فدفعوا ثمنا كبيرا من حبهم وولائهم له.. وهكذا ألقي المرحوم أبوكاطع مع عشرات المثقفين العراقيين في السجون بسبب الوثيقة التي وقعوها لنصرة القضية الكوردية.. واضطررنا للعودة إلى الريف بانتظار إطلاق سراحه. وقد ظل في السجن نحو سنة، وأطلق سراحه قبل انقلاب شباط 1963 الأسود بشهرين. وواجه مجددا محنة التصرف إزاء الاحداث الدرامية التي وقعت في البلاد صبيحة ذلك اليوم الرمضاني المرعب. فاختبأ في بيوت أعمامي في بغداد نحو أربعة أشهر، ثم نقل إلى ريف الكوت من قبل سائق مغامر سلك طرقا عجيبة لإيصاله الى هناك.   وفي مطلع شباط من هذا العام، أتيحت لي فرصة لزيارة بيروت، تلك المدينة التي لا تعرف بحرها  من جبلها من ضاحيتها..    وأول ما فكرت به وأنا أضع قدمي في مطار رفيق الحريري الدولي هي المقبرة، التي تحتضن بثقة وصمت ذلك الجسد النحيل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram