في معاهد الصحافة المنتشرة في العاصمة البريطانية ، زين لي الولع الغامر بالصحافة ، والرغبة باكتشاف أفانينها ، وسبر أغوار بعض أسرارها، الانتماء لواحدة منها ، في السنوات الأولى لزيارتي للمملكة المتحدة .
قدر لي الاطلاع على بعض أسرار المهنة ، والمهارات المطلوبة عند كتابة الخبر . عرفت إن هنالك ثلاثة انواع رئيسية — دعك من تشعباتها — ينبغي دراستها مليا عند كتابة الخبر او قراءته .:
# .. خبر صحيح بأعلى درجة ممكنة ، مستقى من مصادر موثوقة . وغالبا ما يكون دالا ومؤرخا مدعوما بالأرقام او معززا بالصور .
هذا النوع من الأخبار — الصادمة غالبا — شحيح في صحافة عراق اليوم . صعب تكذيبه ، عسير تبرير وقوعه.
# .. خبر مضلل يرتدي بردة خبر صحيح وصادق ، حتى ليتعذر او يصعب التمييز بينهما . تورد هذي الحزمة من الأخبار ، لتسريب فكرة ما كما لو كانت حقيقة ماثلة ، وغالبا ما تكتب بحذق ماهر وحرفة عالية.
# .. النوع الثالث من الأخبار — وهو السائد الآن والأكثر حضورا — ان يكون الخبر : نصف نصف . يحتمل التصديق والتكذيب ، الجزء الظاهر منه صحيح ، والجزء الآخر - كجبل الثلج ، ، مغمور جله .
هذا النوع من الأخبار هو السائد في صحافة العالم عموما ، وعبر الساحة الإعلامية العراقية على وجه الخصوص ،، فتجد الخبر ونقيضه على نفس مائدة التصريحات ،، والخبر ونفيه او تكذيبه على نفس القصعة الفضائية ، وصار التفنن والتحكم بالصور المرئية متاحا ومباحا . وحتى دون ضوابط او قوانين صارمة .
……. كم هو عدد ضحايا سبايكر ؟ ما تعداد السجناء في سجون الناصرية ؟ والبصرة وديالى ، و… و.. ها ؟
عشرة آلاف ؟ عشرون ؟ كم نفر من هذي الأعداد ابرياء سيقوا بتهم كيدية او نتيجة ( إخبار ) من مخبر سري ؟؟ كم منهم سيطلق سراحه ؟؟ متى ؟؟ كم منهم سيساق نحو ساحات الإعدام ؟ كلهم ؟ بعضهم ؟ نعم ولا ؟ المسؤول امتنع عن تصديق أحكام الإعدام ، المسؤول امتثل ووافق ، المسؤول أرجأ التوقيع ، الإيعاز بإعادة المحاكمة وارد ، غير وارد قط ..
القارئ البسيط غير المعصوب العينين بأدلجة او انتماء مشروط ، مستلب حيران ، مطحون بين شدقي الرحى ، يصدق تارة ، يكذب تارة ، وهو في كل آن يندفع وينكفئ ، يتظاهر ، يعتصم ، يرضخ ، يحتج ، وهو ما فتئ ، منذ زمن ، يرقص يرقص ، يرقص مذبوحا ، من شدة الألم .
بذرة الشك .. تُنبت بذور اليقين
[post-views]
نشر في: 26 أغسطس, 2015: 09:01 م