TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أعمدة بناء الدولة

أعمدة بناء الدولة

نشر في: 26 أغسطس, 2015: 09:01 م

من الخطأ حصر الطغيان، كقيمة او سلوك، بالحاكم. فقد تجد المعلم طاغية وكذلك شيخ العشيرة او رجل الدين او الأب او الأم. ألم يصف سعدي الحلي أمّ مَن يحب:
أمك طاغية يا زين الأوصاف تتباهه بجمالك؟
الطغيان مهما كان شكله فهو إرهاب. انه فرض قناعات شخص او حزب او دين او مذهب ما على الآخرين وعليهم ان يمتثلوا، والا فالسيف او الرصاص او حبال المشانق هي الخصم والحكم.
ان تأتي بجاهل يتحكم بمصير عالم وبالقوة، طغيان. ان تفرض مفاهيمك الخاطئة على الناس بسبب جهلك وامتلاكك للسلاح او عصابة او مليشيات مسلحة فإنك ارهابي. ان تستغل تاريخ أبيك او عمّك أو جدك لتغسل ادمغة الناس وتعبث بشؤون حياتهم ومصائرهم، سيكون مصيرك السجن لو كنت في بلد ديمقراطي يحترم الانسان ويضعه قيمة عليا. مثلك في هذا مثل من كان أبوه او جده طبيب عيون او جراحا وهو لم يدرس الطب ساعة واحدة لكنه يرغم الناس ان تعترف به طبيبا وأن لا تعترض عليه حتى لو استأصل أعضاءهم الجسدية.
ماذا نسمي استغلال شخص ما لنفوذه المادي وتسلح اتباعه ويجمع جمعا من الناس، بالترهيب او الترغيب ويثرم براسهم بصلا على الهواء وهم مرغمون على الاستماع له، ولا يستطيعون الرد عليه بفعل الحاجة او الخوف؟ أليس ذلك إرهابا اجتماعيا لا يقل خطرا عن إرهاب داعش؟ نعم ان استغباء الناس والضحك على عقولهم بالقوة يشابه في النتيجة قطع اعناقهم.
هكذا انظر اليك، واظن ان كل ذي عقل يشاطرني النظرة، لو تفرض علي ان اعتبرك عمودا من أعمدة بناء الدولة وانت مجرد شخص سياسي. أعمدة بناء الدولة يا هذا هي المؤسسات وليس الافراد. اما أركانها فهي معروفة حتى لتلميذ الروضة: الشعب، والأرض، والحكومة، ويضاف لها السيادة أحيانا. عندما تقول عن نفسك بانك عمود من أعمدة بناء الدولة، فلنفرض أنك مت، وكل فرد عرضة للموت لا محال، فهل ستتفلش الدولة بموتك؟
الطامة الأكبر لو أنك اتهمت المتظاهرين بان فيهم من مس أعمدة الدولة. انه افتراء محض. وهذا ما لم نسمع به ولم نره ابداً. الكل كان يرفع علم الدولة وبعضهم وضعه على رأسه. اتقوا الله في الناس المظلومين والمسروقين بإسم الدين. نعم انهم تناوشوا أسماء سياسيين ووزراء وحاكمين سابقين ولاحقين ورؤساء كتل وهذا حقهم. نعم حقهم رغما عن الذي يرضى أو لا يرضى لأنهم هم وليس انت من يشكل العمود الأهم في أعمدة بناء الدولة. انهم شعب وانت فرد اخترت لنفسك ان تكون سياسيا وعليك ان تتحمل نتائج اختيارك. ورحم الله إمرأً عرف قدر نفسه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram