نعود اليوم إلى الموسيقى "الكلاسيكية" الشرقية، لنتناول شكلي البشرف والسماعي، وهما شكلان موسيقيان للأدوات استعملا في الموسيقى العثمانية. والبشرف والسماعي يمكن أن يكونا عملين منفصلين بذاتهما، لكن الاستعمال الأصلي هو ضمن الفاصل، فالاستهلال يتم بقطعة موسي
نعود اليوم إلى الموسيقى "الكلاسيكية" الشرقية، لنتناول شكلي البشرف والسماعي، وهما شكلان موسيقيان للأدوات استعملا في الموسيقى العثمانية. والبشرف والسماعي يمكن أن يكونا عملين منفصلين بذاتهما، لكن الاستعمال الأصلي هو ضمن الفاصل، فالاستهلال يتم بقطعة موسيقية هي البشرف (يقابل افتتاحية الأوبرا)، والختام يكون بقطعة موسيقية اخرى هي السماعي. والفاصل هو شكل غنائي يتألف من عدد من القطع التي تؤدى عادة بنفس المقام، يبدأ بالبشرف يليه عدد من قطع البستة والشرقي الغنائية، ويختتم بالسماعي، وهو بذلك يشابه شكل المتتابعة الأوروبية الذي تألف من عدد من الرقصات كانت تؤدى بنفس السلم (في عصر الباروك).
والشكلان متشابهان، إلا أن الإيقاع المستعمل في السماعي هو أقل تعقيداً من إيقاع البشرف. يقسم البشرف والسماعي عادة إلى أربعة أقسام يسمى كل منها خانة (أو دور)، وكل خانة تنتهي بالتسليم (أو الملازمة) الذي يمهد للخانة اللاحقة التي تؤدى بمقام آخر حسب قواعد بناء المقامات الصارمة، وبإيقاعات محددة.
برع في تأليف البشرف والسماعي كثير من المؤلفين الأتراك واليونانيين والأرمن والعرب، نخص بالذكر بين مؤلفي هذين الشكلين جميل بك الطنبوري (1873 - 1916) وابنه مسعود جميل بك الطنبوري (1902 – 1963) الذي درّس في معهد الفنون الجميلة في بغداد أداتي التشلو والطنبور ورأس قسم الموسيقى الشرقية بين سنوات 1955 – 1959. من أشهر أعمال مسعود سماعي نهاوند، الذي يبدو لي أنه كتب لأغراض تعليمية لتوضيح قطع مقام النهاوند وبناء شكل السماعي. والطنبور هو أداة موسيقية معروفة في الأناضول وكردستان وإيران ووسط آسيا، برقبة طويلة مُعتّبة بعتبات (مثل رقبة الغيتار) لأداء النغمات المطلوبة.