في كل مرة نعود لنتذكر غاندي .هذا الرجل ضئيل الجسد وعاري الرأس والصدر لكنه الوحيد الذي انتشل الهند من خضوعها للاحتلال وقادها الى الاستقلال والحرية دون ان يطلق رصاصة واحدة ..كان لغاندي فلسفة تقول بأن اللاعنف هو اعظم قوة في متناول البشرية ، وهو اقوى من اعتى اسلحة الدمار التي وضعتها براعة الانسان ..لذا عمل على تحريك عقول الهنود البسطاء منهم والمثقفين ليقاوموا الفقر الذي هو اسوأ انواع العنف بمحاولة اخراج المحتل وبناء الهند ، ونجح الرجل الضئيل وتمكن بفلسفته السلمية ان يوحد بين مئات الطوائف والاديان الهندية بان يجعل ( الهند ) قبلة صلاتهم الوحيدة ...
في تظاهراتنا التي تحاول ان تكون سلمية ويشارك فيها من يدعو الى ذلك بقوة ، بدأت تظهر اختراقات هنا وهناك ومحاولات لإفشال الدعوات السلمية بنداءات عنف ان لم يكن من المندسين الذين تحركهم جهات واحزاب وكتل يهمها ان تفشل التظاهرات وبالتالي تخيب مطالب المتظاهرين ، فقد تكون من الجهات الأمنية ذاتها التي بدأت تقابل بعض التظاهرات بالعنف كما حدث في بابل ، على اعتبار ان العراقيين محاصرون بجوعهم وفقرهم ومصاعب معيشتهم ولن يفضلوا الموت بلا طائل في التظاهرات وإغلاق ابواب رزقهم وزيادة عدد اراملهم وايتامهم ..لكن هذه النظرية ربما لن تجد من يقتنع بها الآن بعد ان قررالعراقيون ان يسيروا في طريق المطالبة بالحقوق حتى لو قوبلوا بالعنف فقد تساوى لديهم الأمر وصار الموت على ارصفة التظاهرات افضل بالنسبة لديهم من الحياة كالأموات ..
في مامضى ، كانت احدى الامهات تستقبل ولدها الوحيد المدلل وهو مصاب في رأسه او جسده جراء حجارة يرميها به احد ابناء الحي الاشقياء ..كان كل ماتفعله هو إغلاق الباب وتضميد ابنها وإقناعه بأن يبتعد عنهم ويتجاهلهم ..مع مرور الايام ، صاروا واثقين انهم مهما تحرشوا به وسببوا له الالم وضحكوا عليه ، لن يصدر عنه رد فعل عنيفاً فأمعنوا في إيذائه وكانت والدته تخشى عليه منهم وتقنعه بأن يتجاهلهم ، لكن شعور الابن بأنه صار موضع سخريتهم واستغلالهم قاده الى الانتفاض عليهم وهكذا جمع اصدقاءه واقاربه ولقنهم درسا قاسيا ...لابد ان نعترف هنا ان العنف يقابل بالعنف وحين يشعر المتظاهر السلمي بأن هناك من يتجاهله او يسخر من مطالبه او يتعمد ايذاءه فقد يهمل دعواته السلمية ويخوض في وحل العنف الذي لن يسفر إلا عن دمار شامل ....
مع تواصل التظاهرات ، لابد ان ندعو كما دعا غاندي من قبل إلى نبذ العنف وإلى التعاطي بسلمية مع القضية سواء من قبل المتظاهرين او القوات الامنية وحتى الكتل والاحزاب والجهات التي يهمها إفشال التظاهرات، فإطلاق شرارة العنف في العراق سيدفع ثمنها الجميع والحل يكمن في تحقيق مطالب المتظاهرين من قبل صاحب التفويض الأكبر لربما تصبح ( ثورة ) العراقيين على الفساد (ثورة سلمية)...
نريدها.. سلمية
[post-views]
نشر في: 28 أغسطس, 2015: 09:01 م