في السيطرات الامنية المنتشرة في جميع احياء العاصمة بغداد ، قد يضطر احدهم للتعبير عن الاستياء من ملل الانتظار بلا جدوى ، فيوجه سؤالا الى رجل الامن، يحمل جهاز الكشف عن المتفجرات " عمي اسألك بالعباس أبو فاضل والحمزة ابو حزامين هذا جهازك يشتغل لو حديدة عن الطنطل "؟ في بعض الاحيان يتجاهل حامل الجهاز السؤال ، لانه سمعه للمرة المليون من كبار السن ، وقد يستغفر ربه ، ويردد مع نفسه حسبي الله ونعم الوكيل ، فهو يخشى الافصاح عن رأيه بخصوص جهاز الكشف عن الطناطلة ، استنادا الى حقيقة ان الجهاز بنظر جميع العراقيين اصبح مجرد "حديدة " تصر الاجهزة الامنية على استخدامها فيما مازال الطناطلة يسيطرون على محافظة نينوى واجزاء واسعة من الانبار .
برنامج الناس والحكومة تبثه قناة المدى الفضائية في حلقة يوم الخميس الماضي ، دعا مقدم البرنامج حامد السيد الى تنظيم حملة ضد استخدام الجهاز ، لانه اصبح مسخرة تلاحق المؤسسة الامنية ، مفتش وزارة الداخلية السابق محافظ كربلاء عقيل الطريحي ، قال في برنامج تبثه اذاعة دولية يوم كان في منصبه إن الجهاز فاشل ، ويجب إلغاء العمل به والبحث عن بدائل ، مسؤولون آخرون واعضاء في مجلس النواب ، اكدوا ايضا ان الجهاز فاشل ، ، وعلى الرغم من اصدار حكم بحق شخص بريطاني كان وراء صفقة تصدير الجهاز الى العراق ، اصرت وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد على العمل به ، ربما لانه اكتسب صفة التقديس وفيه كل الدفع والنفع والرفع ، وله القدرة على اجبار العدو على الانبطاح ، بهذه الاكذوبة المسخرة ، سجل الجهاز حضورا في كل السيطرات من يعترض على وجوده تلاحقه تهمة اربعة ارهاب.
الاصرار على استخدام جهاز فاشل ، يحمل تفسيرا واحدا هو التغطية على المسؤولين المفسدين الذين كانوا وراء توقيع عقود استيراده ، الاسماء معروفة ، والمحافظ الطريحي بوصفه كان مفتشا في وزارة الداخلية ، على اطلاع كامل على تلك الاسماء وربما لديه قائمة تضم صغيرهم وكبيرهم .
في دول المنطقة لم تتعرف بعد على التجربة الديمقراطية ، حين يكتب رئيس التحرير مقالا يتناول فيه ظاهرة خطيرة ، تمس الامن ، تبادر الجهات الرسمية الى اتخاذ اجراءات فورية لمعالجة ظاهرة شخصها الاعلام ، وتناولها كتاب الرأي ، في الحالة العراقية ، مجسات المسؤولين موجهة لالتقاط موجات بث أخرى ، لا احد منهم كتب ردا او اصدر بيانا تجاه قضية امنية خطيرة ، او في اقل تقدير يجيب عن سؤال الرجل كبير السن راكب سيارة الاجرة من نوع السايبا الموجه الى حامل الجهاز .
في زمن العهد المالكي كان المسؤولون يدخلون في انذار جيم حين تصل اليهم معلومات تفيد بان صاحب الجريدة الفلانية سينشر يوم غد مقالا افتتاحيا ، يحاولون الاتصال بالكاتب بشتى السبل والوسائل لمعرفة مضمون مقاله ، اليوم لايوجد ما يشير الى وجود الدفع والنفع في المسؤول ، وفوكاها ، يتجاهل ما تنشره الصحف اليومية ، كلام جرايد .
جهاز الكشف عن "الطناطلة"
[post-views]
نشر في: 30 أغسطس, 2015: 09:01 م