TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > البرلمان ليس خان جغان

البرلمان ليس خان جغان

نشر في: 31 أغسطس, 2015: 09:01 م

نعم، لا ينبغي أن يكون مجلس النواب "خان جغان"، يدخله مَنْ يشاء وقتما يشاء ويعود إليه وقتما يرغب ويريد، فأعضاء المجلس ليسوا رواد مقاه أو نواد.. إنهم يتولّون الوظيفة الأهمّ في الدولة والمجتمع، وظيفة تمثيل الشعب والنيابة عنه في ممارسة سلطته، فهو مصدر السلطات كما تنصّ عليه دساتير الدول الديمقراطية وبينها دستورنا.
مناسبة هذا الكلام التسريبات في الأوساط السياسية والإعلامية بأنه تجري الآن الترتيبات لعودة نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء السابقين إلى مجلس النواب بعدما استقالوا منه غداة اختيارهم مناصبهم التنفيذية التي فقدوها أخيراً في إطار حزمة إصلاحات طالبت بها الحركة الاحتجاجية الشعبية وتبنّتها الحكومة وصادق عليها مجلس النواب بالاجماع تقريباً.
في بريطانيا ودول ديمقراطية أخرى يحتفظ النائب المكلّف بمهمة وزارية بعضويته في البرلمان، لكنه لا يمارس دوره كنائب وإنما يُمكنه فعل ذلك بعد العودة الى مقاعد النواب، إذا ما استقال أو أُقيل من الحكومة، ولا يمكن لأحد ان يشغل مقعده النيابي طيلة مدة استيزاره.
نحن ليس لدينا هذا النظام، ودستورنا لم يتضمن أي مادة تكفل لأعضاء مجلس النواب المستقيلين، لأي سبب، العودة إلى المجلس متى شاءوا، والنظام الداخلي لمجلس النواب ينصّ في مادته الخامسة عشرة على أنه " يُعدُّ عضو المجلس الذي يصبح عضواً في مجلس الرئاسة أو في مجلس الوزراء مستقيلاً من عضوية المجلس ولا يتمتع بإمتيازات العضوية"، وأعضاء مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء المعفوون من مناصبهم السابقة مستقيلون من مناصبهم النيابية بارادتهم وليس رغماً عنهم، وعليه فان عودة المسؤولين التنفيذيين السابقين إلى المجلس ستكون بدعة أخرى وسابقة خطيرة في الحياة السياسية لأنها ستتسبب في فوضى لا نهاية لها.
إذا عاد نواب رئيسي الجمهورية والحكومة إلى البرلمان فسيكون من المنطقي، تأسيساً على هذه القاعدة - البدعة، أن يُعطى هذا "الحق" لأي عضو مستقيل من مجلس النواب لسبب آو لآخر ثم يقرّر أن يعاود عضويته في البرلمان، وسيشمل هذا "الحق" أيضاً كل وزير كان نائباً واستقال من منصبه الوزاري تجنباً للمساءلة مثلاً أو سُحبت منه الثقة في البرلمان، وعليه يمكن للوزراء المتهمين بالتقصير والفساد الإداري والمالي أن يضمنوا عودتهم الى مقاعدهم في مجلس النواب معزّزين مكرّمين بعد سحب الثقة منهم وإقالتهم!
المحاولات الهادفة لإعادة المسؤولين التنفيذيين الفائضين عن الحاجة إلى مراكز السلطة والقرار من الشباك بعدما أُخرجوا من الباب، إذا كانت الغاية منها أو الذريعة لها حفظ كرامة زعماء سياسيين فان الزعامة السياسية لا يقتصر حفظ كرامتها على الوجود في الكرسي التنفيذي أو النيابي، فالعمل السياسي الوطني السليم والنزيه هو في حدّ ذاته كرامة. أمّا اذا كانت الغاية والذريعة تأمين الحصانة للمسؤولين التنفيذيين من المساءلة، فهذا ما لا يجب القبول به أبداً، والحركة الشعبية المتواصلة المطالبة بالاصلاح يتعيّن أن تتنبه إلى هذا وتعمل للحؤول دون وقوعه، فما من أحد من مسؤولي الدولة وموظفيها محصّن ضد المساءلة عن مسؤولياته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    يارجل بالله عليك اي اصلاح تتحدث عنه اين هو الاصلاح انها مجرد وعود لتخيف زخم الشارع وما العبادي الاجزء من هؤلاء الفاسدين الذين حكموا اكثر من 12 سنة ويحمل نفس الافكار الوسخة الذي حملها سلفه ولو كان صادقا لالقى بالفاسدين في السجون وهو يعرف جيدا من هؤلاء الف

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram