من امراضنا العراقية الخاصة جدا، ان أيا منا لو أبدع في مجال ما يمنح نفسه، او نمنحه نحن، حق التفلسف في كل شيء. حتى لاعب كرة القدم عندما يحقق هدفا يسبب لنا الفوز في الكأس، يأتيك بعد يومين يتحدث عن "نقض النقيض". المطرب أيضا لو اشتهرت له اغنية لا يبالي ان يخرج ذات يوم ليتحدث لنا عن مبطلات الوضوء. الامر ذاته تجده عند بعض عازفي العود والشعراء وكتاب التمثيليات ومقدمي البرامج وحتى الروائيين.
وعلى ذكر الروائيين، انتبهت قبل أيام لروائي عراقي، لا أخفي احترامي له كمبدع، وقد حشر نفسه في ما كنت لا اتمناه له. اظن لأنه فاز بجائزة روائية، تصور انه صار له الحق في التنظير وتقديم النصائح لكبار المسؤولين. نصح العبادي كيف يستفيد من التظاهرات لأنها، كما يقول، وفرت له دعما جماهيريا كبيرا. لذا اقترح عليه ان يدعو لانتخابات مبكرة لأنه حتما سيحصد الملايين وسيضمن ان يكون رئيسا للحكومة. يا سلام. يعني يريده ان يعمل انقلابا ضد نفسه. أي مو هو رئيس حكومة وغير مهدد بسحب الثقة، فشنو هل اللذة من هل الفكر؟
وما هو أغرب من ذلك يبدو لي ان روائينا هذا لا يفهم حتى ابجديات قوانين الانتخابات. انها بشكل عام تنقسم الى نظامين: الغالبية والنسبي. ونحن نظامنا نسبي. معنى هذا انك لو حصلك على 10 ملايين صوت فلا تضمن ان تكون رئيسا للوزراء. الامر بيد الكتلة الأكبر. لان هذه الـ 10 ملايين ستتحول الى مقعد برلماني واحد لا غير. طيب مو كدامك المالكي، ألم يحصل على اعلى الأصوات؟ زين وينه هسه؟ وقبله يوسف الحبوبي الذي حصل على اعلى الاصوات في انتخابات محافظة كربلاء في العام 2009 متجاوزا دولة القانون و بقية الاحزاب و التكتلات. وما هي النتيجة؟ صار المحافظ من دولة القانون. طيب اذا كنت لا تعرف هذه القصص الواقعية فما الذي وازاك؟
دخلّيك مثل عبد الله صخي همه الكبير عالم الرواية. صنع من فقراء العراق ابطالا ليسجل بهم صفحة رائعة في ذاكرة الابداع الادبي العراقي. عاشرته ربع قرن او أكثر فلم اجده منشغلا بزرعات هذا المسؤول او ذاك. أقول هذا عنه رغم انه يمتلك تاريخا نضاليا سياسيا مهما وانه، على صعيد الحرفة، صحفي متميز أيضا.
ما ذكرني بعبد الله احترامه لموهبته ودقته رغم انه ينجز عملا روائيا. أي يجوز له ما لا يجوز لغيره بحكم حق المخيلة. أتذكر انه عندما عادت به ذاكرته في رواية "دروب الفقدان" الى مقهى استلهم منه حدثا، نسيّ، بسبب غيابه الطويل عن العراق، أن كان باب المقهى جانبيا أو على واجهة الشارع. لم يجتهد بل سافر الى العراق وزار المقهى بنفسه ليتأكد. ليس من المقهى فقط بل من كثير من الأمكنة والشخصيات وحتى الأنظمة والقوانين التي كانت تحكم زمان ومكان روايته. فما الذي كان سيفعله لو انه وجد في الانتخابات مادة روائية؟
ولقد ذكرتك في هذه اللحظة يا عبد الله، فسلاما لك يا أبا خيام يوم ناضلت وابدعت وصبرت وقاومت حتى انتصرت على المرض الخبيث.
عبد الله صخي .. ولقد ذكرتك
[post-views]
نشر في: 2 سبتمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
د عادل على
اجراء الانتخابات وتوقيتها فى بريطانيا من صلاحيات رئيس الوزراء----ادا كانت هناك احصائيات تبشر بفوز حزب رئيس الوزراء فى دلك الوقت المعين بامكان رئيس الوزراء ان يدعو لانتخابات مبكرة---بالنسبة لرئيس الوزراء حيدر العبادى واحتمالات موفقيته انا شخصيا ارى ان ين