TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "خرخاشة" الحزب الحاكم

"خرخاشة" الحزب الحاكم

نشر في: 2 سبتمبر, 2015: 09:01 م

الكثير من العراقيين صدق اقامة "نظام ديمقراطي تعددي" لكن اداء الطبقة السياسية ،مع عجز الحكومات المتعاقبة عن توفير الخدمات الاساسية، رسخا القناعة في الاذهان بان الديمقراطية ، امتطاها الحزب الحاكم المتحالف مع قوى اخرى ، فأعادت البلاد الى الوراء بسرعة الضوء ، بالقضاء على ما تبقى من مظاهر الدولة ، بتناسل الازمات السياسية ، وبروز اكثر من مشكلة امنية مستعصية ، الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية وعلى الرغم من خلافاتها الشائكة حول العديد من الملفات المتعلقة بتحقيق مكاسبها ، تتحمل مسؤولية الخراب ، حين وافقت على هيمنة الحزب الحاكم على السلطة ، فتجاهلت خطورة هذا التوجه ، مقابل ضمان ما يعرف بالتوازن ، وحقوق المكونات ، تحت خيمة التوافق ، بروز الخلاف حول مشروع قانون تشكيل الحرس الوطني ، يجسد بشكل واضح حالة انعدام الثقة بين الكتل النيابية ، فيما تشهد البلاد تحديات امنية خطيرة تتطلب بلورة موقف موحد لمواجهة الارهاب ، وتحرير المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش .
الحكومة الحالية تبنت اجراء جملة اصلاحات تلبية لمطالب المتظاهرين ، جزء منها اخذ طريقه الى التنفيذ ، الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء ، وتعتزم الحكومة في غضون الايام القليلة اصدار حزمة اصلاحات جديدة بالتنسيق مع رئاستي الجمهورية والبرلمان لضمان انسجامها مع الدستور ، بعض قرارات الاصلاح صادق عليها مجلس النواب ، لكن المتشبثين بنظرية الحزب الحاكم ، صدرت منهم مواقف ترفض تصحيح الخراب ، احد المبعدين من منصبه مازال يسخر فضائيته الحزبية لبث تصريحاته بوصفه يحتفظ بموقع نائب لرئيس الجمهورية ، يجتمع مع اعضاء حزبه ليحذر من تظاهرات المحتجين وتكرار سيناريو مخيمات المعتصمين في محافظة الانبار.
هل ثمة أمل في تجربة العراق الديمقراطية لإلغاء الحزب الحاكم ، لاسيما ان امينه العام مازال يمتلك حق اصدار الامر الحزبي ، لاستدعاء صانع القرار ليتلقى من صاحب الفخامة توصيات وتعليمات حزبية تفرض عليه قسرا ، لاتخاذ القرارات التأريخية .
يقال ان العراقيين القدماء ابتكروا " الخرخاشة " لعبة لاطفالهم ، نماذج منها وجدت في مواقع اثرية مصنوعة من حجارة باركتها الالهة ، اكتسبت صفة التقديس مع مرور الزمن ، فاستخدمت تعويذة لطرد الاشرار ، حملها الكبار والصغار من كلا الجنسين ، بدخول التكنولوجيا الحديثة ، وتوفر الالعاب الإلكترونية انقرضت الخرخاشة ، لكنها عادت الى الواجهة ، حققت حضورا في مناطق النزاع بالدول التي تشهد اضطرابات سياسية وامنية .
"خرخاشة" الحزب الحاكم في الوقت الحاضر، واكبت موجة ما بعد الحداثة فأصبحت فضائية تبث نشاطات الامين العام وخطبه التأريخية بوصفه رجل المرحلة ، مع اجراء لقاءات مع محللين سياسيين لتسليط الضوء على منجزاته ، وتوجيه اتهامات لخصومه ، لانهم كانوا السبب في زعزعة قناعة العراقيين باقامة نظام ديمقراطي تعددي يقوده ابو خرخاشة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram