كتب جان بول سارتر ، مسرحيته الذباب مستوحاة من الاساطير الاغريقية ، استميحكم عذرا لأنقل لكم حوارا مازلت اتذكره بين قائد الجيش واورست: القائد : "إلامَ تسألوني عن القانون، وانا من احمل السيف في وجه الأعداء"
لماذا أتذكر سارتر الان؟، لانني أرى معظم صحف فرنسا تحتفل هذه الايام بمرور مئة وعشرة اعوام على ميلاده ، وتسترجع معركته الشهيرة مع ديغول ، وتنشر على صدر صفحاتها الأُول صورته وهو يقف على برميل يخطب بجماهير الشباب مطالبا بسقوط ديغول، ساخرا من نياشينه العسكرية
يبرع ساستنا ، بشتم الاستعمار واسرائيل كل صباح ، ونقرأ مطولات غزل بيوم السيادة، لكن لا احد يريد ان يعرف ان مجموع ما شرد من العراقيين بعد هذا اليوم "السعيد" لا يساوي شيئاً مما سببه عصر القائد الضرورة ، وكانت "يونامي" كوفي عنان آنذاك تعجز عن تلبية طلبات لجوء الآلاف، فأصبحنا "لا يونامي" تقدر على طلبات هروبنا، ولا قوارب تكفينا لعبور بحور الظلام ، والغريب ان الذين عانوا الغربة بسبب تسلط صدام وقسوته ، هم الذين يصرون اليوم على تفريغ البلاد من شبابها، وقبلها قرروا ان لامكان للمسيحيين في ارض الرافدين، محزن ان تظاهرات الشباب وسعيهم للاصلاح ينتهي امرها بمحاولة رئيس الجمهورية السؤال "بشأنِ دستوريةِ إقالةِ نوابِ الرئيسِ" فيما قوافل الساسة لم تنقطع عن زيارة مقر مجلس القضاء للاطمئنان على "استتباب" العدالة.
الأقسى من الطريقة البشعة التي يموت فيها العراقيون غرقا ، هو الصمت الحكومي والرسمي الذي يثبت لنا كل يوم ان المواطن العراقي بلا قيمة داخل وطنه ، ومن ثم فلا داعي للسؤال عنه في بحور الغربة ، هذه هي الحقيقة حتى وان حاول البعض الضحك علينا بتصريحات وشعارات وخطب الرفاهية والازدهار وثمار التنمية وفوائد الزيادة في صادرات النفط العراقي التي ظل يبشرنا بها حسين الشهرستاني ومعه كثير من الساسة والمسؤولين الذين ظلوا يخدعوننا باننا شركاء لهم في الوطن ، فيما اثبتت الوقائع ان معظم مسؤولينا يسعون كل يوم الى ان يقودوا البلاد والعباد الى هوة سحيقة..
ومَن يدعي أنه يعرف لماذا وصلنا إلى قوارب الموت ، فهو إنما يخمن . ومن يزعم أنه يعرف إلى أين نحن ذاهبون بفضل الجملة الاثيرة: "ضرورة أن تسير جميع الاصلاحات وتنفذ وفق الدستور والقانون."، فهو يبالغ في التخمين ، لان مايجري في الكواليس هو محاولة لنشر وباء الاحباط عند شباب الاحتجاجات ، وهو وباء مخيف يغلق أبواب ونوافذ المستقبل، ويحجب كل ضوء ، ويعطي الفرصة لأهل الظلام أن ويصرخوا في وجوه الجميع : أن الاصلاح اختراع امبريالي ، والعدالة عمل صهيوني المواطنة جريمة يجب استبدالها بقوارب الموت.
"قوارب" الدستور والقانون
[post-views]
نشر في: 2 سبتمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
د عادل على
لا يوجد جغرافيا ولا تاريخيا ولا اجتماعيا مثيل للعراق فى الفترة من 8 شباط الى يومنا هدا------مجىء حزب الى الحكم بالرغم من اقليته ومكروهيته وبمساعدة وتخطيط من استخبارات دوله عظمى وحماية الدولة العظمى له على طول الخط غبر المجتمع العراقى تغييرا باثولوجيا---
بغداد
عند ساسة العهر الاسود ابيض والابيض اسود أبداً يطبقون نظرية هل البقرة سوداء ام بيضاء ؟ قالها سعد زغلول لزوجته في اخر لحظة في حياته وهو على فراش الموت يا صفية مفيش فايدة غطيني ؟