TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الأردن في عين العاصفة

الأردن في عين العاصفة

نشر في: 24 أكتوبر, 2012: 05:28 م

 

ثلاثة أحداث أمنية في ثلاثة أيام شهدها الأردنيون, وهي جميعاً تتعلق بامتدادات الأزمة السورية الملتهبة إلى دول الجوار, مهما حاولت النأي بنفسها عن الحدث السوري, الأول يتعلق بالقبض على مجموعة إرهابية تخطط للقيام بتفجيرات في أماكن عامة, وهجمات ضد بعض السفارات الغربية, وخصوصاً السفارة الأميركية, والثاني باشتباك عند الحدود السورية مع مجموعة إرهابية حاولت دخول الأراضي الأردنية, ونتج عن الاشتباك مقتل عسكري أردني, والثالث هو القبض على سبعة سوريين, تتوفر لديهم أجهزة اتصال حديثة ومناظير ليلية, ويقطنون في مناطق متفرقة, غير أنهم جميعاً تابعون لمخابرات البلد الشقيق, ومكلفون بمهمات لم تفصح الجهة الأمنية التي اعتقلتهم عنها.
منذ انطلقت الأحداث الراهنة في سوريا, كان كل من في الأردن يدرك أن ما يجري في الجوار لن يظل حبيس جغرافيا الدولة السورية, وأن التداعيات ستصل عاجلاً أم آجلاً, ولم تتغافل السلطات الأردنية عن ما كانت تعلنه دمشق حول انتقال شرر ما يجري فيها إلى كل دول المنطقة, تم تعزيز التواجد العسكري عند الحدود المشتركة, وتعزيز الإجراءات الأمنية عند نقاط الحدود الرسمية, وترافق ذلك كله مع استقبال عشرات آلاف اللاجئين, الفارين من جحيم ما يجري في وطنهم, غير أن الأكثر أهميةً هو حالة التأهب العالية المستوى في صفوف الأجهزة الأمنية, التي أدركت أن الخطأ الصغير يمكن أن يتحول إلى كارثة في مجتمع محتقن بسبب الحالة الاقتصادية المتردية, والحراك الشعبي المطالب بالإصلاحات.
كل ذلك لم يمنع الطرف الآخر من محاولة نقل أزمته إلى خارج حدوده, فكانت الحوادث الثلاث الأخيرة التي كشفتها الأجهزة الأمنية, وهي وإن كانت تتعلق بتنظيمات ذات توجه ديني كالقاعدة, فإن هناك أحاديث عن تفاهمات لهذا التنظيم مع بعض مفاصل السلطة السورية, تعود جذورها إلى ما بعد سقوط نظام صدام حسين, وتبني دمشق لكل مناوئي النظام الجديد في بلاد الرافدين, وتحويل أراضي سوريا إلى موقع لتجميع كل المتضررين من سقوط صدام, أو من أتى بعده, وعلى وجه الخصوص من يرفضون صعود المكون الشيعي في العراق إلى موقع السلطة, ولنا أن نتذكر كيف وكم اشتكت بغداد من تساهل السوريين مع " المجاهدين " الذين يتسللون إلى العراق, بكل ما في جعبتهم من إرهاب أعمى, لم يكن يفرق بين من يذبحهم ويحيل حياتهم إلى جحيم.
لن تكون الأحداث الثلاثة التي تم الكشف عنها الأخيرة, وستتوالى فصول جديدة يأمل المواطن الأردني أن تظل تحت السيطرة, وهو وإن كان يأخذ على أجهزة أمنه تدخلها في بعض مفاصل حياته السياسية, فإنه اليوم يشد على يدها, ويثمن عالياً جهدها في حفظ أمنه, وهو النعمة الأكثر ضرورة في حياته, أما الذين يعبثون بأمن الوطن من أبنائه, فهم يدمرون وطنهم بأيديهم دون أن يدركوا أي جريمة يرتكبون, أو أي نعمة يرفسونها بأقدامهم, والأكثر مأساوية أن بعضهم يتوهم أنه بذلك يؤدي واجبه الديني, متجاهلاً أن من يوجهه إما أنه لايكترث بالدين, أو أن عقليته تحجرت عند أفكار العصور الوسطى.
سيتأثر الأردن دون شك بما يجري في جارته الشمالية, وسيظل الأمل أن يكون التأثير القادم إيجابياً, يخدم المصلحة العامة, وسنظل نردد, حفظ الله الأردن والأردنيين, وسوريا والسوريين.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram