الساسة العراقيون قادة القوى المشاركة في الحكومة الحالية ، جميعهم بلا استثناء ، ابدوا تمسكهم بالدستور ، على الرغم من ان كتلهم النيابية في الدورات التشريعية السابقة ، فشلت في تعديل المواد الدستورية المتعلقة بتنظيم الحياة السياسية في البلاد ، صولتها الاخيرة ، حققت التصويت على قانون تشكيل الاحزاب فعدته انجازا تاريخيا ، يلبي مطالب المتظاهرين ، وينسجم مع الرغبة الشعبية في اجراء اصلاحات شاملة .
مراجعة تصريحات قادة الطبقة السياسية بعد اطلاق حزمة الاصلاحات ، اخذت شكل لعبة الحية والدرج ، بين الدعم والتأييد ، ثم التحفظ والمطالبة بتطبيق الدستور ، فبرزت امكانية استخدام ورقة التسويف والمماطلة ، متجسدة بتشكيل كتلة في احد مجالس المحافظات تدعي دعم المتظاهرين ، لكنها احتفظت بحق اختيار الشخصية المناسبة لشغل منصب المحافظ المستقيل.
زعيم كتلة نيابية فقد منصبه نائبا لرئيس الوزراء ، قدم مقترحا يقضي بتشكيل لجنة محايدة من ذوي الخبرة والنزاهة والكفاءة تراقب عملية الإصلاح بإشراف الأمم المتحدة، على أن تتم الاستعانة بشركات دولية متخصصة لها القدرة على كشف الفساد ومكافحته ، واشترط على اللجنة ان تبتعد عن استهداف احد بدوافع سياسية ، وتكلف بتشكيل حكومة من وزراء تكنوقراط يؤدون دورهم بحيادية وتجرد بعيدا عن المصالح الحزبية والفئوية ، الاصلاح من وجهة نظر فخامة نائب رئيس الوزراء المقال من منصبه ، يجب ان يكون بعيدا جدا عن الحاق الأضرار بالتوافقات الوطنية ، واستغلاله اي الاصلاح لتصفية الخصوم وإبعادهم عن الساحة السياسية والإساءة إلى تاريخهم الوطني.
زعيم سياسي آخر وجه بطانته ، للاتصال بناشطين لبحث مطالب المتظاهرين ، لعقد اجتماع طاولة مستديرة ، اقتصر الاجتماع على حضور الاتباع والباحثين عن فرص عمل في وزارة سيادية واختتم بتقديم مواعظ ونصائح الاطلاع على الدستور، وفي ضوء فهم مواده يجب ان ترفع الشعارات المطالبة بالاصلاحات .
نار الدستور ولا جنة الاصلاح شعار المرحلة الحالية ، تبنته الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية ، بإصرارها على الاحتفاظ بوزاراتها ومواقعها الرسمية ، وليس من المستبعد ان تلجأ الى اساليب اخرى لإجهاض رغبة المتظاهرين في تحقيق الاصلاح ، حين تصل الى قناعة اكيدة بانها ستفقد امتيازات توفرت لها طيلة السنوات الماضية.
يخشى المتظاهرون من تسويف مطالبهم بتشكيل عشرات اللجان ، وانتظار فتح باب الفرج بعد الشدة ، باعتماد القاعدة العراقية السائدة في التعاطي مع المطالب الشعبية ، وتأجيل تطبيق الاصلاح حتى اشعار آخر ، تتوفر فيه الارضية المناسبة المستندة الى الدستور، خصوصا ان تحرير المدن من سيطرة تنظيم داعش يشغل الحيز الاكبر من اهتمام الحكومة الحالية ، ليس امام المتظاهرين من خيار سوى مواصلة احتجاجاتهم ، لعلها تستطيع ان تفرز قوى مؤثرة تفرض قواعد جديدة للعملية السياسية ، تصحح بإرادة شعبية اخطاء السنوات الماضية ، شريطة الحفاظ على سمعة "الرموز الوطنية" من نبوخذ نصر الى سائق الستوتة.
نار الدستور ولا جنة الاصلاح
[post-views]
نشر في: 4 سبتمبر, 2015: 09:01 م