لم يزل أسلوب أحتواء المشكلة داخل وفد المنتخب الوطني موضع اتهام المراقبين لاسيما ممن تسنى لهم ان يكونوا شهود عيان على كثير من الأزمات التي كبرت ودفعت ثمنها كرتنا بسبب غياب الحكمة والتروي ومنطق التحاور.
ولعل التساؤل الملح الذي ينبغي مواجهة مسؤولي الاتحاد به: ما مبرر بقاء نائب رئيس الاتحاد علي جبار وزميله العضو كامل زغير مع وفد المنتخب الوطني في رحلتي طهران وبانكوك إذا لم يتمكنا من حل مشكلة ليست بالخطيرة كالتي دفعت المدافع الدولي علي رحيمة الى حمل حقيبة العودة الى الدوحة وعدم الاستمرار مع المنتخب بذريعة روايتين، الأولى كما وردت في رسالة الزميل محمد خلف المنسق الإعلامي للمنتخب ، ونصها (أبلغت رئاسة الوفد اللاعب رحيمة بمغادرة المعسكر بطلب من الملاك الفني بسبب خروج اللاعب من الفندق من دون علم الملاك)، والرواية الثانية جاءت على لسان رحيمة نفسه في اتصال مع الرياضية العراقية ،قائلاً ( إن خبرتي ومكانتي لا تستحقان التجاهل من الملاك الفني الذي أبعدني عن القائمة 23)!
لنعتبر أن الرواية الثانية التي ظهر فيها رحيمة "ضحية" هي نتاج الأولى كـ"متهم" ، وأتخذ القرار بانفعال من قبل الملاك التدريبي، ألا يفترض ان تكون رئاسة الوفد آخر من يُستفز أو ينفعل أو تنحاز الى الملاك التدريبي، لماذا تسارَع الجميع لانهاء رحلة رحيمة القصيرة وهو العائد بشوق كبير لخدمة بلده بعد معاناة طويلة مع الإصابة ؟
هنا تكمن العِبرة ويتحمّل رئيس الوفد والمشرف على المنتخب المسؤولية عملياً وتبعات ما جرى بعدها، فوجودهما في ظل أزمة رحيمة وقبله علي صلاح ثم تجاهُل لاعبي الشرطة المهمين لم يكن مؤثراً على صعيد بحث المشكلة وتفهم اسبابها ومكاشفة اللاعب بانعكاس تصرفه على مكانته بين خليط من لاعبين شباب ومحترفين ومخضرمين ، وإن هذه المهمة برغم كونها وطنية لكننا نريد ان نؤسس لبناء منتخب جديد مُتزن في انضباطه وعلاقاته ومستواه ينبذ السطوة والتكبّر والانسلاخ عن المجموعة، هذه مفاهيم بسيطة في واجبات رئاسة الوفد وليس مستحيلاً اصلاح أي لاعب من خلال مواجهته بما ارتكبه من خطأ وإعادته الى لُحمة الفريق أكثر قوة من السابق.
وإني استغرب حقاً كيف لمدرب لديه تجارب وطنية عدة فشل في الاستفادة من مدافع دولي سبق أن كان وراء نجوميته التي بسببها مُنح تأشيرة الاحتراف في قطر وليبيا بعد بروزه في دورة الألعاب الآسيوية عام 2006 بالدوحة ونال ثقة جميع المدربين حتى الذين احتاروا في تشكيل توليفة تليق بالأسود لم يترددوا لحظة بدرج اسمه اولاً.
نحن مقبلون على تحدٍ أصعب مما يتصوره البعض بلقاء المضيف تايلاند بعد غد الثلاثاء، وخسارتنا لعلي رحيمة كمدافع عوّلنا عليه في الحد من هجمات (النمور) ربما ندفع ثمنها عاجلاً لوجود ضعف واضح في منطقة الدفاع التي كان رحيمة وزميله سلام شاكر يشكلان طوقاً صُلباً بسلاح الخبرة امام مغامرات الآسيويين "قصار القامة"، أما اليوم نرى دفاعنا اعزلاً وفاقداً لرصانة الأداء في التقدم او التراجع او مسك المنافس، ونأمل ان يكون مرمى صبري في أمان أثناء مشاغلة اصحاب الارض لمدافعينا بتمريرات قصيرة قبل ان يباغتوا صبري بواحدة من كراتهم الماكرة.
يتوجب على اتحاد كرة القدم اعادة ملف علي رحيمة وعلي صلاح ولاعبي الشرطة بعد العودة من بانكوك، فخيارات المدرب فنياً ليست مقدسة لا يجوز تفنيدها او محاججتها وإلا لن نجد لاعباً محترفاً يبقى في معسكر الوفد ويلبي المهمة مستقبلاً إذا كانت الرؤية الفنية للملاكات التدريبية غير قادرة على فصل النزعات الشخصية عن الضرورات الوطنية.
رحيمة المتهم الضحية!
[post-views]
نشر في: 5 سبتمبر, 2015: 09:01 م