لم تكن صورة الاسلام والمسلمين خارج المنطقة العربية بالسوء الذي عليه اليوم، لقد هزت صورة الصبي السوري الغريق على شواطئ تركيا إطار صورة الدين بقوة، وسيترتب الكثير على ذلك. ستخسر الأمة العربية –الاسلامية الكثير من عقائدها وثوابتها إن تغاضى المسؤولون عن ذلك. سنخسر ديننا وتأريخنا وثقافتنا ، فقد أثمرت جهود بن لادن والزرقاوي والقاعدة وجبهة النصرة وأخيراً ابو بكر البغدادي وداعش في رسم صورة اخرى للدين الاسلامي. المسلمون والعرب منهم بالذات يعيشون عصر انحطاطهم الحقيقي. أما موقف رجال الدين والدول العربية والاسلامية من واقعة الهجرة فهو الصورة الأكثر سوءاً في المشهد.
لقد أصبح الدين طارداً، ولا يقولنّ أحدٌ بان القائمين عليه هم السبب، فالنصوص المقدسة وكتب الحديث وتأريخ الفتوحات ومدونات السير لا تدعم الرأي هذا. من يتصفح كتبنا في آلية نشر الدين والتبشير به وتعاملنا مع أهل الذمة لا يستمع لدفاعنا. لقد تهالكت حججنا من حولنا. نعم، سيكون كل حديث في تحبيب الدين والدعوة له قد أخفق نتيجة لما نمر به اليوم من أحداث. أنا شخصياً أعتز بكوني عربي مسلم، لكني احاول أن لا أظهره امام غير العربي المسلم. إذ بم سأجيب لو سألني أحدهم السؤال التقليدي: ترى لماذا لم يذهب الفارّون من جحيم الحرب في سوريا والعراق إلى إيران او السعودية او دول الخليج المسلمة ؟ هل أقول كما قال أحد المسؤولين هناك: بان بلاده رفضت دخول السوريين الفارين لأنهم يعانون من أمراض نفسية؟
في مقالتي هذه أضع رجال الدين والمعنيين بالشأن العربي الاسلامي في مواجهة المسؤولية تماماً، وهي لعمري ما لا يتوجب عليهم التخلي عنها. صورتنا في بلاد الغرب مشوهة تماماً، لوننا وملامحنا أسباب حقيقية لنبذنا والنظر الينا بشزر وريبة، لدينا شعور قاتل بالدونية. ولم يعد النفط مسوّقاً لإنسانيتنا وثقافتنا، لم تعد الصحارى التي تحيط بلادنا قبلة للسائح الباحث عن الصفاء والتأمل. انتهت صورة عصرنا الذهبي التي كانت تقول بحبنا للفكر والموسيقى والفلسفة. هم يفتشون في معارض المستشرقين عن صور الجواري والغلمان الذين جلبهم اجدادنا من بلاد الروم والعجم والاسبان سبايا وأسارى، ويظهرون لنا صور بناتهم في أسواق النخاسة عاريات مقيدات، فقد أعاد الخليفة ووالي العراق والشام القريشي البغدادي الصورة كاملة من خلال السبايا الإيزيديات.
ذات يوم قامت الدنيا على أحد المفكرين الاسلاميين التونسيين حين قال بضرورة احترام الكتب الاسلامية المقدسة، بما فيها القرآن من خلال عدم عرضها وتداولها في حوارنا اليومي مع الآخر غير المسلم، فقد اقترح تخزينها في رفوف عالية، وحفظها في اماكن بعيدة، تليق بها كنصوص كانت مأثورة ذات يوم، لأنها غير صالحة في حوارنا ومن أجل ان لا تكون حجة علينا، او نافذة لرفضنا كبشر أسوياء، حين نريد مشاركة الناس الحياة والأمل والحب والسعادة. إذ كيف سيتسنى لنا ذلك ونحن نُسمعهم مثلاً (إن المشركين نجس...) وها هي المستشارة الالمانية المشركة (ميركل) تبكي اطفالنا الغرقى وتؤوي ملايين المهاجرين المسلمين الفارين من حربنا مع أنفسنا، حربنا التي نقتل فيها بعضنا بسبب خلافاتنا التي لم نحسم امرها منذ 1400 سنة، حروبنا التي ما زالت تؤججها مفردات النصوص المقدسة هذه. فيا أنصارنا إلى الله من أجل دين الله سارعوا وفكروا في الأمر فالمستقبل لا ينبئنا بما هو خير .
بعد غرق الطفل إيلان
[post-views]
نشر في: 5 سبتمبر, 2015: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
أبو أثير
يمكن لدول عديدة تدعي ألأسلام والقتال في سبيل الدين ألأسلامي والمذهب كالسعودية ودول الخليج وأيران ودول أسلامية في جنوب شرقي آسيا كماليزيا وسنغافورة بأستقبال المهاجرين الشباب وألأستفادة من طاقاتهم وأغلبهم يحمل الشهادات والخبرة العلمية أي أنهم لن يكونوا عالة