الحاج ابو شاكر صدّق افتتاح المنطقة الخضراء امام العراقيين ، استبشر خيرا ، وتوكل على الله صباح الخميس الماضي ، توجه الى وزارة الدفاع لانجاز معاملة حصول اسرة نجله الذي قتل مطلع العام الماضي اثناء تنفيذ عملية عسكرية في محافظة الانبار، للحصول على الراتب التقاعدي . اخبره موظف الاستعلامات بالتوجه الى مبنى يقع بجوار مطعم حيدر دبل ، خصص لتسليم معاملات المؤسسات الرسمية الواقعة في المنطقة الخضراء للمراجعين . ابو شاكر تجاوز السبعين من عمره ، يستخدم عكازا يتحول الى كرسي يستخدمه حين يشعر بالتعب والحاجة الى الراحة ثم يواصل المسيرة كأي زعيم ثوري عربي يصر على تحقيق اهدافه الآنية والمستقبلية .
وصل الرجل الى المكان وضاع في الزحام ، لم يلتفت احد لاستفساراته ، لان الجميع منشغل في الحصول على معاملته الصادرة من المنطقة الخضراء ، سأل شخصا يحمل حقيبة تحتوي ملفات وكتبا رسمية : عمي معاملتي باسم الشهيد .. ؟ تكرم صاحب الحقيبة ، واجاب : اسأل معتمد وزارة الدفاع . ابو شاكر توجه الى اقرب شخص يرتدي الزي العسكري لاعتقاده بانه الشخص المقصود ، بعد مرور اكثر من ساعة وصل معتمد الوزارة الى المكان ، تجمع حوله عشرات المراجعين ، بينهم ابو شاكر ، وزع الكتب والاوراق ، وحمل حقيبته مغادرا المكان ، وتكرم على ابي شاكر بقوله : تعال باجر ، عمي باجر جمعة والسبت عطلة ، انتهى الحوار ، فانزوى ابو شاكر في زاوية تقيه اشعة الشمس.
الرجل على يقين راسخ بان معاملة انجاز حصول راتب تقاعدي لأسرة نجله، تتطلب المزيد من الوقت ، اثناء استعداده للخروج وتسليم امره الى الباري عز وجل اقترب منه مراجع يحمل ملف معاملة الحصول على قرض صندوق الاسكان الواقع بقرب مكان توزيع معاملات الخضراء ، تبادل الرجلان النظرات تمهيدا للدخول في حديث طويل يتناول معاناتهما في مراجعة "الدواير" الحكومية . صاحب معاملة القرض ، بدت على وجهه ملامح انزعاج وتذمر ، اشعل سيجارته ، لكي يطفئ نار قلبه ، كما قال ، ثم استرسل بالحديث عن ماراثون انجاز المعاملة ، بدءا من الحصول على اجازة البناء مقابل دفع رشا لموظفين في البلدية ، مرورا بدائرة التسجيل العقاري ودفع مبلغ 100 الف دينار للمعقب للحصول على السند مع كتاب صحة الصدور ، ثم التوجه الى دائرة الضريبة لاستقطاع الرسوم ، معاملة طويلة عريضة ، وصلت اخيرا الى منحه موعدا في الشهر الرابع من العام المقبل لتسلم اول قسط لبناء دار بمساحة 100 متر في حي المعالف باطراف الكرخ .
مفردة "القسط" حفزت مجسات ابي شاكر ، حاول مشاركة هموم محدثه وقال : ما دمنا بقرب المنطقة الخضراء معاملاتنا صارت بالأقساط مثل اصلاحات رئيس الوزراء ، تسمعني يالعبادي ؟؟ اودعناكم .
اصلاح بالتقسيط المريح
[post-views]
نشر في: 5 سبتمبر, 2015: 09:01 م