اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حذارِ.. ثمّ حذارِ!

حذارِ.. ثمّ حذارِ!

نشر في: 5 سبتمبر, 2015: 09:01 م

اختلاف بيّن في الشعارات المكتوبة والهتافات المدوية سُجِّل في مظاهرات الجمعة الأخيرة في بغداد وسائر المدن المُحتجّة للأسبوع السادس على التوالي، على الخراب الشامل المتواصل للعام الثالث عشر على التوالي.... اختلاف يؤذن بتحوّل في مسار العملية الاحتجاجية يُنذر بدوره بعواقب غير حميدة.
بعد أول جمعة ارتفعت شعارات وهتافات تُشيد برئيس الوزراء حيدر العبادي عن تجاوبه السريع مع المطالب الشعبية، وعن تحدّيه الطبقة السياسية المتنفذة بتأييده الحركة الاحتجاجية وتقديمه برنامجاً إصلاحياً أُضطرت هذه الطبقة مرغمة إلى إعلان القبول به. لكن في الجمعة الأخيرة شاهدنا وسمعنا شعارات وهتافات تعاتب السيد العبادي أو تلومه أو تشكك في قدرته على تحقيق ما وعد به مرات عدة.
من الواضح أن ما لا يقلّ عن ثمانين بالمئة من الطبقة السياسية المتنفذة لا يؤيد الحركة الاحتجاجية، ولا يرغب في تحقيق أي من مطالبها، ولم يحبّ أن يتبنى العبادي هذه المطالب وأن يعد بتحقيقها. ومن الواضح أن هذا القسم الأعظم من الطبقة السياسية المتنفذة يعمل الآن على مدار أربع وعشرين ساعة في سبيل إجهاض الحركة الاحتجاجية وإظهار العبادي في صورة السياسي الفاشل ورئيس الحكومة غير القادر على تحقيق أي شيء للناس. ومن الواضح أيضاً أن هذا القسم الأعظم من الطبقة السياسية المتنفذة يتّخذ هذا الموقف لأنه هو المسؤول عن كل عوامل الفشل والتقصير والخراب في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهو منبع الفساد الاداري والمالي وبؤرته، وأنه بالتالي من سيتحمل تبعات ضرر البرنامج الإصلاحي وضراره، بما في ذلك المساءلة والمحاسبة وخسارة مناصب السلطة ومواقع النفوذ وإعادة الثروات المنهوبة.
الاصلاحات التي تضمّنها البرنامج الحكومي وبرنامج مجلس النواب المكمّل كانت مُستحَقة منذ مطلع 2011، وقد ضرب رئيس الحكومة السابق نوري المالكي يومها على صدره متعهداً بتحقيقها نزولاً عند مطالب المحتجين الذين نزلوا الى الساحات والشوارع على مدى أسابيع متتالية منذ 25 شباط من ذلك العام. وتبيّن للناس فيما بعد أن السيد المالكي قد ضرب على صدره إنما تعهداً بنكث العهود، فالفساد الإداري والمالي تفاقم في السنوات اللاحقة بسرعة صاروخية وأفرغ خزينة الدولة من محتوياتها وتركها عاجزة لسنوات عدة لاحقة، والخدمات العامة تردّت ومعدلات الفقر والبطالة ارتفعت بمستويات غير مسبوقة، فيما الارهاب بلغ الذروة باحتلال ثلث مساحة البلاد وتهديد العاصمة بغداد.
هذا كله وغيره كان في أساس انفجار الحركة الاحتجاجية الحالية.. إنها الصرخة المدوّية الأخيرة لشعب أُنتهكت حقوقه وكرامته على نحو مروّع، في وجه طبقة سياسية لا ذمة ولا ضمير لثمانين بالمئة منها في الأقل.
هذه الصرخة إذا ما تبددت وهذه الحركة إذا ما أُجهِضت هذه المرة، فلا يتعيّن على الطبقة السياسية أن تراهن على عدم تجدّدها إلا بعد سنوات.. هذا تفكير واهم وعقيم، فثمة ملامح لانفجار رهيب يُغرق المركب بمن فيه جميعاً.. عدم تحقيق مطالب الحركة الاحتجاجية وعدم تنفيذ البرنامج الاصلاحي سيؤديان إلى كفر الناس بكل شيء.. هذا الكفر يمكن أن يعبّر عن نفسه في صيغة عنف وجماعات عنفية لها أول وليس لها آخر... فحذارِ ثمّ حذارِ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د عادل على

    لمادا حدث كل هدا الفشل الياسى والاقتصادى والامنى مند 2003------اولا اخطاء الامريكان بالسماح للفرهود وعدم حماية المؤسسات الحكوميه وتدمير الاسلحه الثقيلة التابعه للجيش العراقىزثانيا عدم وجود قادة شيعه لهم خبرة الحكم والادارة واضافة الى هدا كان السماح للمخرب

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram