ما حيلتي وأنا أدري — يقينا أدري— أنني لن أضيف جديدا او أستدر عبرة من عين لا تدمع ، إذ أتناول المصير الفاجع للمهاجرين الغرقى ، وأتوقف خاشعة امام جسد الطفل البريء (عيلان ) ، المسجى على رمال الشاطئ التركي ، متوسدا ذراعه الغضة ، متوسما رحمة الموجة العاتية ان تترفق به ميتا بعد ان خذلته حيا ، فلا تجرجره نحو عمق البحر ليغدو طعاما شهيا للتماسيح والأسماك .
عيلان — غادر هذا العالم الشرس رغم انفه — ادار ظهره ، محتجا على أفعال السماسرة ، بعد أن أشهر بوجوههم عقبي حذائه ، كأصبع اتهام وإدانة لنفر ماتت في أعطافهم الضمائر . وخلت قلوبهم من بذرة رحمة .
أكتب - وفي صدري يضج سؤال لجوج — ما نفع الكتابة لحشود لا تقرأ ؟؟ وما جدوى الصراخ إذا كان القابعون خلف متاريس مصالحهم وشهواتهم ، يعانون من عي وصمم ؟؟
المكان الذي ظنوه آمنا .. عرض البحر . بعد أن ضاقت بهم براري بلادهم ، والتخوم تركية ، والزورق مكتظ بالهاربين من الموت إلى المجهول . الزورق يميد بهم كلما زمجرت الريح وتعالى الموج … ولكن إلى أين ؟؟؟
تساءل أحد المراقبين والمحللين والمنظرين — وهم كثر— لماذا الهرب صوب دول اوروبا المحدودة المساحة قياسا بمساحات الوطن العربي الكبير الشاسعة ، التي تمتد من المحيط هذا للمحيط ذاك ؟؟
الجواب مؤجل ، او محظور ، او ملغوم . وعيلان الطفل البريء ذو السنوات الخمس ، جاهل بالسياسة ، غافل عن نوايا الساسة الكبار . مأخوذ برؤية البحر . والأمر لديه لا أكثر من نزهة بحرية ..
صورة جسد عيلان المسجى ، وثيقة إدانة دولية . تلاقفتها معظم الصحف والفضائيات عبر الشرق والغرب ، الصورة ناطقة بالفصحى وبكل اللغات ، بينما اكثر الكلمات الصاخبة ، عيية ، خرساء .
…………
أكثر ما يجرح الشعور الإنساني الجمعي ، تعليقات البعض وتغريداتهم ، التي نثروها مجانا اسفل صورة إنسانية للمستشارة الألمانية ( أنجيللا ميريكل ) ، وهي تتمعن في تفاصيل صور الغرقى ، وتواجه بشاعة المأساة ، فتجهش بالبكاء المر ، وتعد بفتح بوابات ألمانيا على مصاريعها لاستقبال ما تسمح به القوانين …. كتبوا : — ما دموع ميريكل إلا دموع تماسيح!
عيب ،،، والله عيب .
حسن ،، دلوني على سياسي او مسؤول عربي بكى من هول المأساة ،او ذرف دمعة . حتى لو كانت دموع تماسيح !!
ليست دموع تماسيح!
[post-views]
نشر في: 6 سبتمبر, 2015: 09:01 م