TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ليست دموع تماسيح!

ليست دموع تماسيح!

نشر في: 6 سبتمبر, 2015: 09:01 م

ما حيلتي وأنا أدري — يقينا أدري— أنني لن أضيف جديدا او أستدر عبرة من عين لا تدمع ، إذ أتناول المصير الفاجع للمهاجرين الغرقى ، وأتوقف خاشعة امام جسد الطفل البريء (عيلان ) ، المسجى على رمال الشاطئ التركي ، متوسدا ذراعه الغضة ، متوسما رحمة الموجة العاتية ان تترفق به ميتا بعد ان خذلته حيا ، فلا تجرجره نحو عمق البحر ليغدو طعاما شهيا للتماسيح والأسماك .
عيلان — غادر هذا العالم الشرس رغم انفه — ادار ظهره ، محتجا على أفعال السماسرة ، بعد أن أشهر بوجوههم عقبي حذائه ، كأصبع اتهام وإدانة لنفر ماتت في أعطافهم الضمائر . وخلت قلوبهم من بذرة رحمة .
أكتب - وفي صدري يضج سؤال لجوج — ما نفع الكتابة لحشود لا تقرأ ؟؟ وما جدوى الصراخ إذا كان القابعون خلف متاريس مصالحهم وشهواتهم ، يعانون من عي وصمم ؟؟
المكان الذي ظنوه آمنا .. عرض البحر . بعد أن ضاقت بهم براري بلادهم ، والتخوم تركية ، والزورق مكتظ بالهاربين من الموت إلى المجهول . الزورق يميد بهم كلما زمجرت الريح وتعالى الموج … ولكن إلى أين ؟؟؟
تساءل أحد المراقبين والمحللين والمنظرين — وهم كثر— لماذا الهرب صوب دول اوروبا المحدودة المساحة قياسا بمساحات الوطن العربي الكبير الشاسعة ، التي تمتد من المحيط هذا للمحيط ذاك ؟؟
الجواب مؤجل ، او محظور ، او ملغوم . وعيلان الطفل البريء ذو السنوات الخمس ، جاهل بالسياسة ، غافل عن نوايا الساسة الكبار . مأخوذ برؤية البحر . والأمر لديه لا أكثر من نزهة بحرية ..
صورة جسد عيلان المسجى ، وثيقة إدانة دولية . تلاقفتها معظم الصحف والفضائيات عبر الشرق والغرب ، الصورة ناطقة بالفصحى وبكل اللغات ، بينما اكثر الكلمات الصاخبة ، عيية ، خرساء .
…………
أكثر ما يجرح الشعور الإنساني الجمعي ، تعليقات البعض وتغريداتهم ، التي نثروها مجانا اسفل صورة إنسانية للمستشارة الألمانية ( أنجيللا ميريكل ) ، وهي تتمعن في تفاصيل صور الغرقى ، وتواجه بشاعة المأساة ، فتجهش بالبكاء المر ، وتعد بفتح بوابات ألمانيا على مصاريعها لاستقبال ما تسمح به القوانين …. كتبوا : — ما دموع ميريكل إلا دموع تماسيح!
عيب ،،، والله عيب .
حسن ،، دلوني على سياسي او مسؤول عربي بكى من هول المأساة ،او ذرف دمعة . حتى لو كانت دموع تماسيح !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram