TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "جقلبان" عسكري

"جقلبان" عسكري

نشر في: 6 سبتمبر, 2015: 09:01 م

بشيوع ظاهرة السلاح المنفلت في دول تعاني اضطرابات أمنية ، يبرز القلق من احتمال تنفيذ انقلاب عسكري ، في الانظمة الديمقراطية الرصينة صاحبة التجربة العريقة في الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة من المستبعد بل من المستحيل حصول انقلاب للاطاحة بالنظام ، وفي بلدان اخرى وخاصة في المنطقة العربية ، الانقلاب او ما يعرف بلغة اخرى الجقلبان ، تتوفر الارضية المناسبة للمغامرين للحصول على السلطة بأسهل الطرق ، عندما تقوم مجموعة مسلحة باقتحام مقر الرئيس في قصره ، وتجبره على الرحيل ان كان سعيد الحظ ، او تقتله وتصور مشهد اعدامه ثم تبثه من خلال شاشة التلفزيون الرسمي.
الانقلابات باشكال وانواع متعددة اخطرها الانقلاب الداخلي ، وفي التاريخ العربي القديم والمعاصر وقائع واحداث ، تشير الى الاطاحة برأس النظام بمخطط نفذه قياديون بارزون في الحزب الحاكم او ميلشيات تابعة لجهة سياسية متنفذة ، المنطقة العربية تكاد تكون ارضا خصبة لانواع الانقلابات الابيض والاسود المصخم والداخلي ، ومعظم اصحاب السيادة والجلالة والسمو ، وصلوا الى السلطة عن طريق البيان رقم واحد او بالوراثة ، وهؤلاء اكثر تحسبا وخوفا وقلقا من تنفيذ انقلاب ضدهم ، فانصرفوا نحو تشكل اجهزة امنية مزودة باحدث الاسلحة والمعدات والامتيازات ، لتتولى مهمة حماية البلاط والقصر الجمهوري ، وعلى الرغم من كل هذه التحوطات يبقى خطر الانقلاب امرا محتملا ،ويشكل هاجسا مرعبا يمكن ان يحصل في اي لحظة .
المتابعون للشأن العراقي يؤكدون بروز مخاوف لدى كبار المسؤولين ، من امكانية قيام الشركاء والحلفاء بانقلاب ضدهم ، والتصريحات في هذا الشان تكاد تكون يومية ، وتصدر على شكل تحذيرات على مستقبل العملية السياسية ، بمعنى الحفاظ على الزعيم الاوحد بوصفه امل العراقيين في الحفاظ على وحدتهم، ومنقذهم من شياطين الارض والسماء.
في بعض الاحيان يكون الانقلاب من تدبير البطانة والمقربين من الحاكم ، لانهم اكثر استشعارا للخطر حينما يفكر صاحب القرار بإبعادهم او احالتهم للقضاء ، سواء بتهم الخيانة العظمى او سرقة المال العام ، والوقائع التاريخية تؤكد ان البطانة وتدخل النساء بالحكم كانت وراء الاطاحة بالعروش ، ولما كان الزعيم العربي يعتمد على ابناء اسرته وعمومته في الاشراف على الاجهزة الامنية وفي بعض الاحيان قيادتها ، قد يندفع احد هؤلاء ،لاعتقاده بان سيده ليس افضل منه فينفذ الجقلبان على الديمقراطية باعلان حالة الطوارئ.
في السنوات الماضية وحتى هذه اللحظة لم تستطع الحكومات المتعاقبة والاطراف المشاركة فيها التوصل الى اتفاق لحصر السلاح المنفلت بيد الدولة ، فظل مشروع القانون الخاص بمعالجة هذه المشكلة كغيره من الملفات الاخرى ، في دائرة النسيان ، يحتاج الى توافقات وقرار سياسي ليأخذ طريقه للتشريع ، التحديات الامنية فرضت اهمية تشريع قانون تشكيل الحرس الوطني ، فبرز خلاف جديد حول بعض مواده ، لان جميع الكتل النيابية تخشى تنفيذ "الجقلبان" العسكري.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram