بشيوع ظاهرة السلاح المنفلت في دول تعاني اضطرابات أمنية ، يبرز القلق من احتمال تنفيذ انقلاب عسكري ، في الانظمة الديمقراطية الرصينة صاحبة التجربة العريقة في الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة من المستبعد بل من المستحيل حصول انقلاب للاطاحة بالنظام ، وفي بلدان اخرى وخاصة في المنطقة العربية ، الانقلاب او ما يعرف بلغة اخرى الجقلبان ، تتوفر الارضية المناسبة للمغامرين للحصول على السلطة بأسهل الطرق ، عندما تقوم مجموعة مسلحة باقتحام مقر الرئيس في قصره ، وتجبره على الرحيل ان كان سعيد الحظ ، او تقتله وتصور مشهد اعدامه ثم تبثه من خلال شاشة التلفزيون الرسمي.
الانقلابات باشكال وانواع متعددة اخطرها الانقلاب الداخلي ، وفي التاريخ العربي القديم والمعاصر وقائع واحداث ، تشير الى الاطاحة برأس النظام بمخطط نفذه قياديون بارزون في الحزب الحاكم او ميلشيات تابعة لجهة سياسية متنفذة ، المنطقة العربية تكاد تكون ارضا خصبة لانواع الانقلابات الابيض والاسود المصخم والداخلي ، ومعظم اصحاب السيادة والجلالة والسمو ، وصلوا الى السلطة عن طريق البيان رقم واحد او بالوراثة ، وهؤلاء اكثر تحسبا وخوفا وقلقا من تنفيذ انقلاب ضدهم ، فانصرفوا نحو تشكل اجهزة امنية مزودة باحدث الاسلحة والمعدات والامتيازات ، لتتولى مهمة حماية البلاط والقصر الجمهوري ، وعلى الرغم من كل هذه التحوطات يبقى خطر الانقلاب امرا محتملا ،ويشكل هاجسا مرعبا يمكن ان يحصل في اي لحظة .
المتابعون للشأن العراقي يؤكدون بروز مخاوف لدى كبار المسؤولين ، من امكانية قيام الشركاء والحلفاء بانقلاب ضدهم ، والتصريحات في هذا الشان تكاد تكون يومية ، وتصدر على شكل تحذيرات على مستقبل العملية السياسية ، بمعنى الحفاظ على الزعيم الاوحد بوصفه امل العراقيين في الحفاظ على وحدتهم، ومنقذهم من شياطين الارض والسماء.
في بعض الاحيان يكون الانقلاب من تدبير البطانة والمقربين من الحاكم ، لانهم اكثر استشعارا للخطر حينما يفكر صاحب القرار بإبعادهم او احالتهم للقضاء ، سواء بتهم الخيانة العظمى او سرقة المال العام ، والوقائع التاريخية تؤكد ان البطانة وتدخل النساء بالحكم كانت وراء الاطاحة بالعروش ، ولما كان الزعيم العربي يعتمد على ابناء اسرته وعمومته في الاشراف على الاجهزة الامنية وفي بعض الاحيان قيادتها ، قد يندفع احد هؤلاء ،لاعتقاده بان سيده ليس افضل منه فينفذ الجقلبان على الديمقراطية باعلان حالة الطوارئ.
في السنوات الماضية وحتى هذه اللحظة لم تستطع الحكومات المتعاقبة والاطراف المشاركة فيها التوصل الى اتفاق لحصر السلاح المنفلت بيد الدولة ، فظل مشروع القانون الخاص بمعالجة هذه المشكلة كغيره من الملفات الاخرى ، في دائرة النسيان ، يحتاج الى توافقات وقرار سياسي ليأخذ طريقه للتشريع ، التحديات الامنية فرضت اهمية تشريع قانون تشكيل الحرس الوطني ، فبرز خلاف جديد حول بعض مواده ، لان جميع الكتل النيابية تخشى تنفيذ "الجقلبان" العسكري.
"جقلبان" عسكري
[post-views]
نشر في: 6 سبتمبر, 2015: 09:01 م