لم يشعرالفلنديون بالاستغراب ولم يضربوا اخماسا في اسداس، لان رئيس وزرائهم عرض منزله الخاص لاستضافة طالبي اللجوء، فلا يمكن لمثل هذا الخبر " العادي " ان يحول الانظار عن صورة الطفل الغريق التي خرجت بها كل صحف فنلندا ، داعية المواطن الفنلندي إلى التضامن مع الباحثين عن أوطان بديلة لتلك التي دمرتها الحروب.
لكنني، انا المواطن العراقي الذي يتمتع بخيرات "الشهرستاني" ، أمضى سنوات العمر متسائلا عن أسباب صمت مسؤولينا وساستنا عن مثل هذه الكوارث ، لماذا ياسادة نحن البلاد الوحيدة التي تعتقد ان هجرة ابنائها مؤامرة استعمارية ، كما غرد " مشكورا " النائب علي العلاق؟.
فلندا لا تولي اهتماما للاخبار العاجلة ، لا يخرج فيها مسؤول كل يوم يذكر الناس بحرب صفين ، ولايجرؤ فيها سياسي ان يوزع سندات وهمية ، ليست فيها مراقد مقدسة ، ولايتباهى شعبها بانهم علموا البشرية خط الحروف ، المواطن الفلندي ليست له عشيرة يتفاخر بها في الفيسبوك ، بالكاد هو انسان مترف يعتني بحديقته ويخلص في عمله ، لاينتظر ان يمنَّ عليه مسؤول بمكرمة ، ولايرفع لافتة يستجدي فيها حقوقه.
هذه البلاد التي لا تحمل سجلاً تاريخياً يضم حكايات ألف ليلة وليلة، وبيتاً للحكمة، فقد دخلت التاريخ متعثرة، لكنها اليوم واحدة من أثرى البلدان، أتذكر أننا في بغداد لم نعرف فلندا إلا من خلال هاتفها الشهير "نوكيا" وهو الاختراع الذي أشاع البهجة والمعرفة والسرور في كل بيوت الكرة الأرضية بمختلف ديانات سكانها وألوانهم وقومياتهم، هل تعرفون ان الناتج الإجمالي لشركة نوكيا يتجاوز ميزانية العراق لستة اعوام بايامها ولياليها ، كل هذا من غير براميل نفط ، يشحذ الأشقاء سكاكينهم من أجلها.
اغنى بلدان الارض ، لم تعلّم ابناءها في المدارس ان التكليف الشرعي للفتاة يبدأ من عمر التاسعة ، ولم تستبدل نشيدها الوطني باهازيج طائفية ، ولم تخصص جلسة في برلمانها للمفاضلة بين عطلة يوم السقيفة وعطلة يوم الغدير.
إذا عدت إلى صحفنا للعشرة اعوام الماضية ، سوف تجد أن القضايا نفسها ، هل الجعفري افضل لرئاسة التحالف الوطني ام ان الاديب اكثر ارتكازا ؟ المطلك أم العيساوي ؟ خطب نوري المالكي ام لا أبالية اياد علاوي ؟
يا عزيزي القارئ الذي ستسخر مني حتما لأنني اقارن بين فلندا والعراق ، انا وانت كنا نتمنى ان لا نرى العراق ضعيفا يستقوي عليه ساسته وإخوانهم ورفاقهم، انا وانت كنا نمنّي النفس بنائب من المؤمنين والمتقين على شاكلة الكافر رئيس وزراء فلندا ، وهو يصر ان يشارك الهاربين من توازن حنان الفتلاوي آلامهم واحزانهم.
بلاد لا تنتظر " خبر عاجل"
[post-views]
نشر في: 6 سبتمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
خليلو...
لايرتجى منا خير ما دام فينا مثل أولئك الذين إعترضوا على إختيار الزعيم قاسم ، عبدالجبار عبدالله رئيسا لجامعة بغداد لأنه صابئي!!... سيعود الينا الخير متى تخلصنا من هذه الطفيليات التي تتحكم في أمرنا ..يا أستاذ ليس في فنلندا وشقيقاتها معتمون متسربلون بالسواد
أبو أثير
لخلاص يكمن في ديمومة ثورة التغيير وكتابة دستور جديد بدلا من الدستور الحالي الذي فصل على مقاس الشلة التي كتبت الدستور من دهاقنة الدين والسياسة والوصوليين المنتفعين وألأنتهازيين ... والعمل على أنتخابات نزيهة تحت أشراف مفوضية جديدة خالية من نفس العناصر الفاس