اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بالون في ثقب أسود

بالون في ثقب أسود

نشر في: 6 سبتمبر, 2015: 09:01 م

بحلول صباح اليوم 7 ايلول يكون مر شهر بالكمال والتمام على الحزمة الاولى من الاصلاحات العبادية. بدأت عاصفة لكنها انتهت بأخف من نسمات تموز الشحيحة!
فبعد اسبوعين من التظاهرات التي انطلقت في البصرة وذي قار وامتدت لاحقا الى عدد من المحافظات، دخلت مرجعية النجف العليا على الخط وحسم الموقف بشأن التعامل مع التظاهرات، واضعة حدا لتردد الحكومة الغارقة في اولويات "الورقة السياسية"، والازمة المالية، وفواتير تحرير الاراضي من الارهاب.
صباحا، في مثل هذا اليوم من الشهر الفائت وقبل ان يتناول اغلبنا افطاره او يرتشف قهوته، شعر اغلبنا بمفاجأة العبادي وحزمة اصلاحاته الجريئة التي اعلنها مع ساعات الفجر الاولى. الكل حبس انفاسه حينها، هل من المعقول ان يصدر كل ذلك من العبادي؟!
بعد ساعات من استيعاب الصدمة، ظل الارتباك سيد الموقف يومها. ماذا تعني هذه الاجراءات؟ هل هي استجابة لتظاهرة البصرة واحتجاجات الكهرباء التي راح ضحيتها الفتى منتظر؟ ام هل هي رد على تعنت البعض امام احتجاج موظفي السكك وشركات التمويل الذاتي؟ اصلا هل هذه اصلاحات ام التفاف على الاصلاحات التي لم يملك "الحراك الشعبي" رؤية واضحة بشأنها!
خرجت ورقة رئيس الوزراء بعدة محاور، لكنها صدرّت بقرارات كانت لها فعل المورفين. لقد كانت الورقة الاصلاحية من الذكاء بمكانة عندما وضعت اقالة نواب رئيس الجمهورية على رأس بنودها الاربعة.
لم يصبر البرلمان سوى يومين ليزيد الطين بلة بورقة اريد لها ان تكون "خط صد" متقدم امام اي اندفاعة يقدم عليها العبادي لضرب المعادلة المتحكمة بالعملية السياسية منذ 2003.
قيل وقتها ان الورقتين متكاملتان، وان البرلمان والحكومة "ايد وحدة" لتنفيذ الاصلاحات. لكن الايام التي تلت "التصويت" في مجلس النواب كشفت انها بداية لامتصاص زخم الاحتجاجات اولا، والالتفاف على اندفاع العبادي الذي اصبح النجم الاول في شباك العملية السياسية. هل كان حديث زعيم كتلة سياسية بارز عن انقلاب ابيض ينفذه رئيس الحكومة تحت يافطة الاصلاحات، مجانيا؟!
صدر العبادي ورقته بالاستناد على المادة (78) من الدستور التي تنص على ان: "رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، والقائد العام للقوات المسلحة، يقوم بادارة مجلس الوزراء، ويترأس اجتماعاته، وله الحق باقالة الوزراء، بموافقة مجلس النواب". ورغم ذلك فان الكتل، التي مررت الورقة بتصويت شبه تاريخي، بدأ بعضها يشهر الدستور بوجه هذه الاصلاحات، فيما القت كتل اخرى بالقوانين الخلافية في طريق العبادي الذي بدأ يتحدث عن تفويض شعبي على الطريقة السياسية.
هنا وقع القوم في حيص بيص واختلط الحابل بالنابل ودخلت الاصلاحات ثقبا اسود اسمه "التسييس"، وهي منذ ذلك اليوم تدور في حلقة مفرغة بين العبادي وخصومه والنتيجة ان الحال بقي على ما هو عليه.
لقد اكتفى جمهور الاحتجاجات من الاصلاحات بمجرد الاطاحة بـ"الثلاثي الذهبي"، ولم ينشغل بصياغة ورقة مطالب "واقعية ودستورية"، ولم يهتم ببلورة قيادة فعالة للتنسيق مع باقي المحافظات. حينها انفتحت مخيلة ساحات الاحتجاج لقوائم من المطالبات لها اول وليس لها آخر، تبدأ بمحاكمة فلان ولا تنتهي باسقاط الدستور وحل البرلمان واعلان الطوارئ.
ويبدو ان هذه العدوى انتقلت، بشكل وآخر، الى بعض الدوائر الحكومية التي انتلقت من تلبية مطالب الحراك الشعبي، الى استخدامه كاداة للاستقواء به على خصوم وحلفاء، والبحث عن انجازات شخصية هنا وهناك.
انشغل رئيس الوزراء، طيلة الاسابيع الماضية، بالجانب السياسي من ورقته ولم تر الجوانب الاخرى النور حتى هذه اللحظة. انخرط في سجال مع معسكر خصوم الاصلاحات حول امكانية تطبيق هذا البند وغض الطرف عن ذلك البند. حتى بند مكافحة الفساد، الذي يرفعه الجميع، دخل في متاهة التجاذبات وفقد بوصلته الصحيحة عندما تحول الى مادة للتسقيط المتبادل، ولم يسفر عن وضع برنامج محايد لملاحقة رموز الفساد. كان بالامكان، مثلا، ادراج تعديل قانون النزاهة والتنصيص على معاقبة الممتنعين عن كشف ذممهم المالية. وهذا مقترح تم رفضه بشكل واضح في الدورة البرلمانية السابقة. كان بامكان العبادي، خلال الشهر الماضي، توحيد الاوقاف وانهاء توزيعها بالشكل الذي يثير الانقسامات الطائفية.
بعد شهر على اطلاق الاصلاحات، هناك شعور بالاحباط يتسرب الى ارواح العراقيين من تراجع العبادي ومن ورائه الكتل السياسية عن الالتزام بذلك. شعور يشبه احساس المقاتل الذي وجد نفسه وحيداً واعزل في معركة بين خصمين غير متكافئين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram