يحدث العجز في الميزان التجاري للدول عندما تقلّ قيمة صادراتها عن قيمة الواردات، أو يتراجع حجم الصادرات أمام حجم الواردات فتعجز الصادرات عن سداد تكاليف الواردات. وفي الحالات التي يتواصل فيها العجز ويتفاقم تلجأ بعض الدول الى تخفيض قيمة عملتها وقتياً لتنشيط حركة التصدير.
آخر الدول الكبرى التي عمدت الى انتهاج هذه السياسة هي جمهورية الصين التي خفّضت قيمة عملتها (يوان) مرتين في الشهر الماضي، وقالت وزارة التجارة الصينية يومها أن هذا الإجراء من شأنه أن يساعد في تعزيز قيمة الصادرات المتعثرة.
نحن بلد لدينا عجز مطلق في ميزاننا التجاري حتى في السنوات التي تتجاوز عائدات النفط حاجز المئة مليار دولار.. نستورد كل شيء، من الإبرة الى محطات توليد الكهرباء غير الصالحة للاستخدام! ولم يعد لدينا ما نصدّره غير النفط الذي ما أن تنهار أسعاره حتى تتدهور أوضاعنا بقضّها وقضيضها وينحدر مستوى معيشتنا الى أسفل سافلين أو ما يقارب ذلك كما هي عليه حالنا الآن.
برغم ذلك فان عملتنا (الدينار) صامدة في وجه الريح محتفظة بقوّتها كما لو أننا في عهد ازدهار اقتصادي ووفرة مالية. ويرجع هذا إلى ان البنك المركزي متشبث بدعم قيمة الدينار بأي ثمن، لكن هذا يكلّفنا يومياً مئات ملايين الدولارات التي يبيعها البنك في المزاد، فضلاً عن كميات الدولار التي يُغدق بها البنك على تجّار العملة (200 ألف دولار أسبوعياً لكل مكتب صرافة، يجري تهريب الكثير منها إلى خارج السوق المحلية).
لا يرجع تدهور انتاجنا الزراعي والصناعي إلى شحّ المياه والموارد المالية المستثمرة في قطاعي الزراعة والصناعة وغياب التخطيط العلمي فقط وإنما أيضاً الى أن بلادنا تعرّضت لغزو غير مسبوق من السلع الزراعية والمصنعة الرخيصة القادمة من إيران وتركيا وسوريا والصين والتي تباع بأسعار لا يمكن لانتاجنا المحلي أن ينافسها، فأغلقت المصانع ابوابها وتصحرت المزارع والبساتين.
لا أدري إن كان خبراؤنا الاقتصاديون قد تمعّنوا جيداً في هذا الوضع وفكّروا بالخيارات المختلفة للخروج من هذا المأزق، خاصة بعد أن انحطّت أسعار النفط، ما يفرض التفكير بتنشيط القطاعين الزراعي والصناعي. واحد هذه الخيارات تخفيض قيمة الدينار لوقف، أو في الأقل للحدّ من الغزو الزراعي الصناعي الأجنبي وتمكين منتجي السلع الوطنية من الحصول على أسعار مجزية.
لستُ خبيرا مالياً أو اقتصادياً لكنني خلال عمري المهني مرّت بي أخبار كثيرة عن عمليات تخفيض للعملات، بما فيها أقواها كالدولار والجنيه الإسترليني واليورو والين، لاستنهاض الاقتصاد الوطني. وأتساءل هذه الأيام، حيث لا أمل على المدى المنظور في تحسن اسعار النفط وعائداتنا المالية منه، إن كان قد وُضع في الاعتبار هذا الخيار المألوف في العديد من الدول.
لن تقوم لنا قائمة ما لم نعد بلداً زراعياً، فهذه وليس النفط هي ثروتنا الدائمة.. ولن تقوم لنا قائمة ما لم ندخل عصر الصناعة الذي غادرناه بعد بداية طيبة، بسبب الدكتاتورية وحروبها الطاحنة التي أحرقت اليابس والأخصر، وأزهقت أرواح الشباب.
سعر الدينار
[post-views]
نشر في: 6 سبتمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 4
بغداد
ماكو كل خيار للشعب العراقي غير خيار واحد فقط منطقي وواقعي وهو تغيير جميع هذه الوجوه القبيحة مرتزقة مافيات الكاوبوي النفطي المتخلفين عقلياً واخلاقياً السايكوباثيون حيث يقتحم الشعب العراقي بقوة أسوار المنطقة الدولية الكرين زون ويتم اعتقال جميع الدمى وزعماء
د . عبد علي عوض*
منذ عام 2005 كتبنا الكثير من المقالات المتضمنة للحلول لغرض النهوض بالاقتصاد العراقي، لكن ذهبَت كل كتاباتنا أدراج الرياح بسبب هيمنة مافيات وتجار السياسة الطائفية والاثنية... آخِر مطالباتي من العبادي هو تطبيق مبدأ إقتصاد الحرب، المتبع في جميع دول العالم ألت
ميفان مدحت - اقليم كردستان
هذا راى سديد . لناخذ ايران مثلا ، فبعد الاتفاق النووي بادر الكثيرون الى شراء العملة الايرانية ظنا منهم انها وبعد عودة رؤوس الاموال المجمدة ، ورفع الحصار سيرتفع سعر التومان الايراني ، ولكن الاقتصاديين الايرانيين كانوا اذكى من ذلك ، الايرانيون خفظوا سعر الت
علي العلي
والله استاذ علاء لن تقوم لنا قائمة الا بأزالة هذه الرؤوس العفنة ....