الرزق، بشقيه الحلال والحرام، أنواع. بعضه مثل الحظ يانصيب يأتيك وانت جالس في مكانك. ومنه كضربة أعمى وقعت في أرنب. وفيه كرزق البزازين على المعثرات. لحد خروجي من العراق كنت اسمع من الناس والعشيرة والأصدقاء ان فلانا رزقه الله. وشرزقة؟ أما أن اشترى شغلة وباعها وربح بها ضعف الذي دفعه. او ان امرأته ولدت طفلا. او طلعله ورث بعد موت جده او ابيه. او انه كان عاطلا وحصل على عمل. وبعض يرضى بالقليل او بالرزق المعنوي. كأن حظي بعد عناء طويل بـ "صباح الخير" من ابنة الجار او زميلة الدراسة.
بينما كنا ذات ساعة جلوسا في مقهى "أبو عباس" بقطاع 13، جاءنا عبد الزهرة راكضا وابتسامته بعرض شارع 60. خير؟ اليوم رزقتي الله خوش رزق. شنو ولك؟ نجمة بنت الفراشة قطعت وردة واهدتني إياها:
ويكول انت الورد وشلون تشتم ورد
هكذا كنا وكان الناس والعراق. ربع دينار بالجيب رزق وفير يشعرك بالسعادة والأمان معا، الفقراء يفتحون الأبواب فجرا وتغريدة يا رزاق تخرج من قلوبهم بكل صدق وقناعة. هذا كل ما كان يحتاجه العراقي في أيام الخير.
صديق عتيق من مدينة الثورة كان يشاطرني الرَّحلة في ثانوية قتيبة لقط صفحتي على فيسبوك فرشقني برسالة كل حرف فيها ينبئ بانه كان يلهث من شدة ركضه بحثا عني. لم يوقع رسالته باسمه بل بالكنية المستعارة التي فرضناها عليه قسرا رغم قسوتها. ربما كان مضطرا حتى اتذكره على الفور. سألته عن احواله فقال انها فوق النخل. وان الله رزقه بوظيفة نائب رئيس تحرير لجريدة "واسعة" الانتشار. بس شوكت صرت صحفي؟ اذا ربك راد دكتور كلشي يصير. ومن دون أن اسأله تبرع بقوله انه قادم على رزق جديد اذ سيتسلم فضائية وانه جاء ليعرض علي فرصة عمل فيها. نظرت الى السماء ودمدمت مع نفسي: أيرضيك هذا الرزق المشحط يا رب؟ اعتذرته بالشافعات ولم أخلص منه الا بعد ان طلبت منه هدنة لأفكر بالموضوع.
هكذا اذن يرزقون اليوم: واحد يرزق برئاسة الوزراء وآخر نقيب صحفيين، وبعض رئيس تحرير او امتلاك جريدة وبعض بفضائية او بمنصب نائب او كليهما معا. صاروا يتحدثون عن فلان الذي رزقه الله فصار مذيعا أو مطربا وعلان الذي صار مقاولا او سفيرا و "شسمه" الذي أصبح مفكرا. لكن ان يصل بك الحظ لحد ان يرزقك الله بمنصب قائد مظاهرة بروس المكاريد، وانت لا بيها ولا عليها، فسبحان مقسم الأرزاق الذي لا راد لرزقهّ!
يــا رزّاق
[post-views]
نشر في: 8 سبتمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
محمد توفيق
الرزق والتوفيق انواع كما قلت، ولعلك تتذكر نكتة سبعينية عن هبوط الحظ على شخص بغتة فيصبح في حال آخر. والنكتة تقول واحد شرطي الله وفقه وفتح له مركز...