اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أولادي سيهاجرون.. هل أمنعهم ؟

أولادي سيهاجرون.. هل أمنعهم ؟

نشر في: 8 سبتمبر, 2015: 09:01 م

لنكن أكثر جرأة ونتجاوز نظرية المؤامرة التي يحلو للبعض تعليق كل إخفاق عليها، ونقول غير الذي يقوله اعضاء الاحزاب الاسلامية، وهم يدافعون عن فشلهم في تحقيق الحياة لأبناء شعبنا، ونذهب بعيداً في خيالنا السطحي مصدِّقين دموع مستشارة المانيا، السيدة مريكل، التي هالها مشهد اللاجئين الغرقى ومن ثم فتحها الحدود الألمانية والاوروبية لهم. نقول : ترى هل نملك ذريعة واحدة لشبابنا تقنعهم بأن البقاء في العراق أفضل من الهجرة منه ؟
منذ أن انتشرت على صفحات الفيسبوك مقاطع الفيديو التي يبعث بها الشباب الفارّين من جحيم سوريا والعراق، معبّرين عن سعادتهم بخلاصهم من بلدانهم، وعبورهم الى ضفة الأمان، فرحين مستبشرين بعثورهم على حياتهم الجديدة. منذ ذلك وثلاثة من أولادي تشغلهم المقاطع الفيديوية هذه بشكل غريب، هم يتحدثون بجديّة عن لا جدوى العيش في البلاد. يشاهدون أقرانهم يتجولون على الحدود بين هولندا وبلجيكا من دون تأشيرات دخول، يطوفون في الضواحي والازقة في المدن النظيفة الجميلة دونما خوف من شرطي او هاجس من مفخخة وأنا صامت لا أقوى على رأي!
أحاول أن أكون واقعياً او أُسلـِّي نفسي بوهم وطني كاذب، لكني سرعان ما تذكرت عام 1978 حين كنتُ أعدُّ نفسي للهجرة، هاربا من نظام صدام حسين، وفي سَوْرة من يأسٍ تحسست فوهة المسدس، خلف أذني، المسدس الذي وضعه رجل الأمن برأسي وأنا في فراشي الصيفي، مستغرقاً بالنوم على سطح دارنا. رحت مسترجعاً القصة كاملة، كيف جعلني أهبط السلم الخشبي متعثراً بملابس النوم، وقد أحاط رجاله ببيتنا من جهاته الاربع ،كيف أوقفني امام أبي مهدداً بقتلي إن لم أمضِ على القرار 200 ومن ثم قسيمة الانتماء لحزب البعث؟
الآن أذهب ابعد من ذلك لأشعر بألم في بطني وبين فخذي جراء الركلات الموجعة من حذائه العسكري، هل أملك الشجاعة لأقول له : يا بني، لا تغادر العراق، فهو وطنك الذي نشأت فيها، وهو الذي أنعم على ابيك بالحياة ، كيف تغادر البلاد التي منحتك الخبز والكرامة والطمأنينة ، هل أجرؤ على قول ذلك له؟
لا أُريد أن أخدع اولادي فانا رجل لي تجربتي الطويلة في البلاد، ومن يتتبع خطوات السيد حيدر العبادي في الاصلاح يزداد يأسا وخذلاناً، الرجل لن يفعل شيئا لكم يا أولادي والاحزاب الاسلامية تسببت في تفتيت لحمتنا الوطنية بما لا ينفع معه الرأب والخصف، الشعور بالأمان أمرٌ لن يتحقق في القريب مع كل تأخير لأحدهم يرتفع ضغط دمي، وأكاد أفقد معه ما استبقيه من انفاس، أنا أيضاً أزداد قلقاً بعد كل مادة تنشر لي في المدى، بعد كل بوست انشره على صفحتي في الفيسبوك.
الصمت لغة لم أتعلمها بعد، هناك رسالة عليَّ تنفيذها، أنا لا أملك مؤسسة للتغيير لكني أملك صفحة على الفيسبوك.
لا أريد أن أكون خائناً، جبانا، مستسلماً من خلالها. وقفت مع المتظاهرين ودخلت خيمة المعتصمين امام مبنى المحافظة، صحت مع الجموع نعم للتغيير، ودولة دولة مدنية فلتسقط الطائفية، كتبت عشرات المواد الصحفية منتقداً أداء الحكومة، خاصمني أهلي لمواقفي في السياسة، ومنذ أن تيقنت بعد صلاح الاسلاميين للسلطة لم أدخل مسجداً أو حسينية حتى أني كتبت في وصيتي بأن لا توضع جثتي على مغتسل المسجد إنما أريد لها أن تسجّى على سرير من جريدٍ بالٍ، هنا قرب بيتي وأن يؤخذ الماء لغُسلها من الترعة الصغيرة لا من ماء الحنفية، لديَّ شعور باني أحوج لذلك، هكذا في شعور لا أعرف كيف أفسرهُ.
أستعرض مآثر أعضاء حكومة البصرة المحلية منذ 2004 إلى اليوم فلا أقع إلا على السيء والقبيح من أفعالهم، ثم أستعرض وجوه الحاكمين منذ أيام مجلس الحكم إلى اليوم فلا اجد بينهم الوطني الشجاع الغيور. اليأس مع إصلاحات السيد العبادي يضاعف شعوري بأهمية الهجرة، صورة السيدة ميركل تزداد إشراقاً وصورة العبادي تتحول شيئا فشيئاً إلى هُلام . منعت حكومة ماجد النصراوي- ذراع السيد عمار الحكيم في البصرة- المعتصمين من نصب خيمة احتجاج أمام المبنى الحكومي. ألقوا بها في النهر فاحتموا بالعلم. ترى هل ستحجب القماشة الملونة رصاص المداهمين إذا ما أمرهم السيد النصراوي مستعجلا تفريق شملهم وتبديد حلمهم في مدينة تسعى لمنع أبنائها من ركب الأهوال لمغادرتها ؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ياسين عبد الحافظyasee

    نصيحتي لك من ابهي،دعهم يتصرفون ،عندما يكبر الاولاد والبنات يصبحون اصدقاء والافضل التعامل معهم كذلك ،لقد فعلت ماعليك والان جاء دورهم ليفعلوا ماعليهم .

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram