الجيل السابق من العراقيين من هواة لعبة كرة القدم، شكلوا فرقهم، ومنحوا شارة الكابتن الى مالك الكرة، ابو الطوبة الذي يتمتع بصلاحيات واسعة، فهو يختار التشكيلة، يضع الخطة المناسبة لتحقيق الفوز على الفريق الخصم، على الرغم من قناعة جميع اعضاء الفريق بانه يجهل اصول اللعبة، وان قيادته ألحقت بالفريق خسارات متكررة، فقد على اثرها سمعته في الساحات الشعبية.
يوم كان دخل الفرد العراقي لا يتجاوز الخمسين دينارا شهريا ، برز نموذج " ابو الطوبة" في الاحياء الشعبية البغدادية، فهو الوحيد القادر على دفع ثمن الكرة، فشكل فريقا حمل اسمه واتخذ من مقهى الطرف مقرا له. حصوله على صفة الممول المالي، منحه سلطة عريضة فاصبح قائدا يمتلك حق اصدار القرارات، يعاقب معارضيه بالإبعاد من الفريق وحرمانهم من اللعب مدى الحياة.
ابو الطوبة المعروف بين زملائه بانه من اسرة ثرية، يختار الاقوياء ليسخرهم للدفاع عنه في حال تعرضه الى هجوم مباغت من الطامحين بسرقة دراهمه، فكان صاحب سابقة في تشكيل جناح عسكري، يرافق الفريق حين يتوجه الى ساحة شعبية تقع خارج الحي. من مهمات الجناح العسكري الاخرى الحفاظ على "نعل" اللاعبين وحاجياتهم، وفي بعض الاحيان يكلف الجناح العسكري بإيعاز من ابو الطوبة بشن صوله على الحكم لمنحه الفريق الخصم ضربة جزاء غير صحيحة.
بمرور الزمن اختفى "ابو الطوبة" من المشهد، ترك الساحة الى اخرين انتحلوا صفة القادة السياسيين، بتشكيل تنظيمات، اعتمدت التمويل الخارجي او اموال الزعيم الجديد شبيه ابي الطوبة بفرض نفوذه وسلطته بالقوة، وامتلاكه جناحا عسكريا مزودا بأسلحة ثقيلة وخفيفة ومعدات حديثة، تتفوق على القدرات القتالية للقوات المسلحة، يحتاج الى طائرات مقاتلة ليصبح قوة اقليمية تخشاها الدول الكبرى. ظهور نموذج ابو الطوبة في الساحة السياسية، منذ اكثر من عشر سنوات، اصاب المعادلة العراقية بخلل مزمن، تحتاج الى المزيد من الوقت لكي تستعيد توازنها بشكل يبدد مخاوف الاخرين وقلقهم من عواقب الامور حين يتسع نفوذ ابو الطوبة السياسي، فيما تشهد البلاد تداعيات امنية، مصحوبة بخلاف عميق حول الكثير من الملفات العالقة الشائكة بدءا من بلورة المواقف تجاه مفهوم المصالحة، مرورا بترتيب علاقات جديدة تخدم المصالح الوطنية مع دول الجوار، وانتهاء بإلغاء ثوابت اعتمدت في سنوات سابقة جعلت الاداء الحكومي والسياسي يتراجع الى الوراء، بجهود من استعار شخصية ابو الطوبة.
الجناح العسكري التابع لأي تنظيم سياسي بإمكانه اليوم ان يشن صولة للإطاحة بحكم الساحة لأنه تحيز للفريق الفلاني على حساب الآخر، قد تؤدي الصولة الى تدخل التحالف الدولي والخضوع ثانية لطائلة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة، ومن كايلك تلعب طوبة.
سلطة" ابو الطوبة"
[post-views]
نشر في: 8 سبتمبر, 2015: 09:01 م