TOP

جريدة المدى > سينما > أنطونيوني: هل هو أستاذ سينمائي جليل أم مخرج مُدّع مُضجر؟

أنطونيوني: هل هو أستاذ سينمائي جليل أم مخرج مُدّع مُضجر؟

نشر في: 10 سبتمبر, 2015: 12:01 ص

ثمة ثلاثة أسئلة: هل أوزو بطيء وهل برغمان مبالغ في تقديره؟ هل أنطونيوني مدّع ٍ؟ بالنسبة لي الجواب على الأسئلة الثلاثة: كلا. مع أوزو عليك أن تتمهل. وبرغمان نستطيع أن نكافح حوله فيما بعد وأنطونيوني مدّع ٍ فقط إذا ما حكمت على عمله بالتضجر من المقاييس الأ

ثمة ثلاثة أسئلة: هل أوزو بطيء وهل برغمان مبالغ في تقديره؟ هل أنطونيوني مدّع ٍ؟ بالنسبة لي الجواب على الأسئلة الثلاثة: كلا. مع أوزو عليك أن تتمهل. وبرغمان نستطيع أن نكافح حوله فيما بعد وأنطونيوني مدّع ٍ فقط إذا ما حكمت على عمله بالتضجر من المقاييس الأدبية. انسَ الحبكة والشخصيات أو الحوار فإن أهميته يمكن إيصالها بشروط شكلية تماماً. في فيلم "الكسوف"، وهو الفيلم الأجمل والأكثر صرامة مع ذلك فهو الأشد انتشاءً شكلياً الذي صنعه أنطونيوني في الستينات، نستطيع أن نرى مرة أخرى كيف أنه أنجز ما أنجز.
القصة لا شيء سوى زوجة من روما برجوازية ضجرة تعاني الاغتراب (مونيكا فيتي) تعلن بأنها تتخلى عن زوجها المربك (فرانشيسكو رابال) وتأخذ معها عشيقها سمسار البورصة (الآن ديلون) وتنجرف عميقاً في عاطفتها مع كل شيء حولها وتتراجع في كل دورة من بيئتها القمعية من العصرية والمال. وأخيراً تفشل مع عشيقها في الظهور في لقاء مرتب سابقاً.
إن هدف أنطونيوني من ذلك اللقاء أنّ الشيء الوحيد الذي نكتشفه هو كاميرته (أدارها جياني دي فينانثو ومشغلها باسكوال دي سانتيس وكلاهما استاذان). الخاتمة، التي هي جريئة على نحو لا يوصف، تتضمن سلسلة من اللقطات الخالية من الناس، الواحدة بعد الأخرى لمدة سبع دقائق، عن الأماكن والعشاق التي يمكن رؤيتها أثناء الفيلم كلها الآن فارغة ليس بطريقة لاذعة بل بطريقة متوعدة.
خلال الفيلم يجري تقزيم "فيتي" والتنمر عليها عن طريق تأطيرات أنطونيوني من البيئة المبنية حولها، بدءا من البناية القضيبية الضخمة المشؤومة خارج نافذة غرفة نومها في المشهد الافتتاحي. بعد ذلك، يجري تعليقها على الحيطان وحبسها داخل إطارات الباب والنافذة وسجنها بالسياج وتغليفها داخل زوايا باعثة على الخوف لكل تكوين ويجري قمعها بضجيج طابق البورصة. تطمح العمارة والاقتصاد إلى تحطيمها وأخيراً يجعلون منها ومن عشيقها يختفيان معاً. إنها هي التي تغرب (تنكسف).
خشية أن تثبط همتكم تذكروا أن هذه إيطاليا في الستينات، كل فرد هو جميل وأنيق على نحو معجز، وبكل الخطر الوجودي الموصوف فإنّ بيئة إيطاليا ما بعد الحرب المعادة البناء كانت مع ذلك مثيرة جداً كي يجري التحديق فيها: المتع الجمالية لفيلم "الكسوف" من المستحيل مقاومتها. أنطونيوني في الجوهر هو مخرج المتواليات الاستثنائية: الانفجارات المتصورة التي تبلغ أوجها في فيلم "نقطة زابرسكي"؛ اللقطة قبل الأخيرة التي من المستحيل وصفها لفيلم "المسافر" (كيف حصلوا على تلك الكاميرا عبر تلك القضبان الحديد؟) مسيرة "ألدو" إلى مكان انتحاره في مشهد الحديقة في فيلم "الانفجار".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"بغداد تثور"... مشاهد سينمائية ديناميكية من ساحة التحرير

أثار اهتمامي موضوع زوجات مقاتلي داعش فجسدت دور ربيعة

الفائزون في الدورة الـ75 لمهرجان برلين السينمائي الدولي

مقالات ذات صلة

سينما

"بغداد تثور"... مشاهد سينمائية ديناميكية من ساحة التحرير

قيس قاسم تطرح مُشاهدة "بغداد تثور" (2023)، للعراقي المقيم في النرويج كرار العزاوي، كغالبية الأفلام الوثائقية الراصدة حدثاً دراماتيكياً آنياً، السؤال الإشكالي نفسه: أينبغي التريّث والانتظار لتوثيقه، ريثما تنضج في ذهن السينمائي، المعني برصده،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram