رهان المخرج في فيلم (رب اغفر لنديمة) هو كتابة نص بصري ، وهو الروائي الذي فرض حضورا مهما في المشهد الروائي العراقي بعملين روائيين لقيا اهتماما من الوسط الادبي ، (مكنسة الجنة) و(السيد اصغر اكبر)، يخوض تجربته السينمائية الاولى بفيلم (رب اغفر لنديمة ) إنتاج : علي عبد الباقي, حسين عبد الباقي، سيناريو : مرتضى كزار، تصوير : أيمن العامري، مونتاج : تمام قاسم ، تمثيل : صلاح منسي, زينب مهند.
يجرب مرتضى كزار اسلوبا جديدا لايعتمد المجاورة بين الادب والسينما.. اسلوبا مستحدثا يعتمد خلق مشتركات مفاهيمية وتقنية توحد بينهما، وإن كان في تناول سينمائي مختلف ، ومن بين هذه المشتركات القص وتسلسل الاحداث والشخصيات والفضاء والزمان.
فاذا كانت الرواية تنطوي على اكثر من قراءة وتراهن على نباهة القارئ في كشف المسكوت عنه ، فان السينما تعتمد المجاهرة وقدرة الصورة على استبيان الحقائق بشكل مباشر.. و"نديمة" في الفيلم عازفة كمان متوفاة، يقيم لها زوجها عزاءً عراقياً تقليدياً، لكن هذا العزاء لن يكون كذلك من الداخل، ولتكتشف طفلة بأنه تمويه لنشاط آخر، ولا يمت بصلة للعزاءات التي شهدتها.
الكمان والمرأة المتوفاة، صورتان ستتكرر في الفيلم باشكال مختلفة وعلاقة على المتلقي ان يكتشف الحكاية والتي تبدو في واحدة من هذه القراءات ان المراءة قُتلت بيد مجموعة متطرفة في مدينة من مدن العراق. من خلا ل الصورة المعلقة على الجدار . .. المتلقي هنا سيصنع حكاية للصورة التي يراها.. سنكون مع الفتاة الصغيرة التي تتابع المرأة وتراقبها من فتحة الباب تزيل غطاء عن طفل رضيع لنكتشف آلة كمان..
ظهور المرأة وهي تعزف على الكمان ..العزاء وصوت النادبة وجمع النساء ، ثم ظهور الفتاة الصغيرة لتكتم صوت النادبة، بضغطها على زر التسجيل بينما موسيقى الكمان تنثر نغماتها، كمعادل للموت الذي يبدو في كل مكان.. صور رجل الذي (يداعب) الكمان يايحاءات جنسية.
المتلقي هنا يرسم حكاية الفيلم على اساس المعطى الصوري ..هنا تقنيات الصورة تمثل واحدة من أهم نقاط استيعاب التخييل .
يقول كزار:
بعيداً عن الأسئلة القديمة حول علاقة السينما بالرواية، أظن أن التجاور اليوم بينهما صار أكثر عمقاً، لقد ردت الرواية الجميل إلى السينما وحدث أن غرفت هي منها في نماذجها المعاصرة، لذلك تصبح الطريق سالكة مع بعض المطبات الناشئة من مناخنا السردي العراقي في الكتابة، فهو أقل المناخات تقريباً ملائمةً للمشهدية وتقنيات الدراما. وهذا ما أنعكس على حالتنا في السينما بوضوح.
وإن كان ذلك ينددرج هذا في افلامه القصيره قال: محاولتي في الأفلام القصيرة - سأشرع بتصوير فلمي الثالث- فقد كانت نوعاً من مواجهة هذه العلاقة وقدرة النص على الانكشاف في الصورة، فكنت أمام سؤال : ما لذي سيبقى إذا خلعت الحكاية قناعها اللغوي.
في محاولتي الثانية، كتبت السيناريو وأخرجت وتطفلت على التصوير ومارسته في كل اللقطات (في فلمي الأول كانت ٢٠٪ من اللقطات بعدستي)، ومع ان الاسباب تتعلق بظروف الانتاج فقد كانت تقاليد السينما لا تقاليد الكتابة هي من تحكم مشغل الفلم، والمحصلة هي الإيمان بأن هذه الفنون العظيمة وفية لنفسها لا لجاراتها، كل ما يمكن تطويعه من الأدب يأتي متوسلاً بأعراف السينما، بينما الأخيرة تدخله بيتها التي تحكمه بمزاجها وتكرمه اكرام الجد الكبير الذي تربت في كنفه.
الحكاية حين تخلع قناعها اللغوي
نشر في: 9 سبتمبر, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)