اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > لماذا أصبحت الوحدة أسطورة من ذكريات الماضي الجميل؟

لماذا أصبحت الوحدة أسطورة من ذكريات الماضي الجميل؟

نشر في: 8 يناير, 2010: 05:11 م

شاكر النابلسي يقول المفكر التونسي هشام جعيط "إن الخطأ الكبير الذي ارتكبته الحركة العروبية، تصورها للوحدة العربية على نموذج الأمة، وطرحها الأمة العربية كأحد المعطيات. لكن الوحدة لن تتم إلا انطلاقاً من تجاوز الظاهرة القومية." ("الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي"، ص 123). وهذا رأي آخر على أن القومية الواحدة، ليست شرطاً أساسياً من شروط الوحدة ، كما قلنا في أكثر من مقال سابق هنا في "الوطن".
مشجب عدم تحقيق الوحدةربط بعض المفكرين المعاصرين العرب، بين قضية الوحدة وبين الاشتراكية حيناً، وبين الوحدة وبين التكامل الاقتصـادي حيناً آخر، وبين الوحدة وتحرير فلسطين في طرح ثالث، إلى آخر قضايا الأمة العربية التي رُبطت بالوحدة. وكان واضحاً أن عجز العرب عن تحقيق الوحدة، قد جعل منها ذلك المشجب الذي تُعلَّق عليه كل المشاكل المزمنة السياسية والاقتصادية. فالتاريخ القريب والزمن الحاضر الذي نعيشه، أثبتا من خلال التجربة والممارسة - لا من خلال النظرية - أن ربط هذه المحاور بقضية الوحدة ما هو إلا نتيجة للعجز والقصور القطري في حلها، بعيداً عن موضوع الوحدة. فلسطين قبل الوحدةفربط حل القضية الفلسطينية بتحقيق الوحدة قد انتفى، وأثبتت لنا الأيام في التسعينيات من القرن العشرين، بأن القضية الفلسطينية يمكن حلها دون تحقيق الوحدة العربية، خاصة بعد توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، واتفاقية أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين عام 1993 ، وتوقيع اتفاقية "وادي عربة" بين الأردن وإسرائيل عام 1994 . ولكن تبيَّن بعد ذلك  - وما زال - أن السلام سراب خادع. فإسرائيل لم تستفد من هذه الاتفاقيات غير التخلّي عن الأرض الثمينة مقابل شقة – كسفارة – في القاهرة وعمان. وكانت تجربة السلام بالنسبة لها صفقة خاسرة جداً. والعرب الذين سالموا لم يظفروا من سلام إسرائيل غير "سواد الوجه" أمام العرب الآخرين. أما القضية الفلسطينية، فقد أصبحت هيكلاً عظمياً لا حياة فيه، بعد أن نخره السرطان الصهيوني منذ أكثر ما يزيد على نصف قرن، ونحن عنه غافلون ونائمون في العسل الأسود!الوحدة والنضال السلميينادي بعض المفكرين العقلانيين كالفلسطيني قسطنطين زريق من غير الرومانسيين بالنضال من أجل الوحدة. وبتمثل هذا النضال بالنضال السلمي الفكري المطالِب دائماً بمزيد من الحرية والديمقراطية حتى يتيسر للمفكرين نقاش مشاريع الوحـدة المزمعة بحرية تامة. "فعملية الوحدة عملية عسيرة طويلة لا يمكن أن تتم في سنوات قليلة. وهناك مجال للتجريب والخطأ. ولحماية هذه التجارب من الخطأ، لا بُدَّ من تعبئة كل من هو مستعد لأن يسير في خط الوحدة، وهذا ليس سهلاً، خصوصاً أن الأنظمة السياسية   الحاضرة، لا تسمح بالكثير من الديمقراطية والنقاش الحر." ("الوحدة العربية.. المعوقات والممكنات"، ص 198).هل شرط الوحدة الثقافة أم التكامل الاقتصادي؟نحن الآن في بداية القرن الحادي والعشرين، فهل ما زلنا نعتقـد بما كان يعتقده الأوائل في النصف الأول من القرن العشرين، بأن مَنْ ضَمِنَ وحدة الثقافة فقد ضَمِنَ وحدة العالم العربي، كما قال ساطع الحصري لطه حسين في عام 1938 : " اضمنوا لي وحدة الثقافة، وأنا أضمن لكم ما تبقى من ضروب الوحدة" ("المختارات"، ج1، ص 210).لقد تحققت وحدة الثقافة العربية الآن إلى حد ما، كما تحققـت معها وحدة التعليم إلى حد آخر محدود، وإن كان تحقيق وحدة التعليم تحقيقاً كـاملاً غير ضروري وغير مفيد حتى نترك لكل إقليم عربي حرية الحركـة في مناهجه التي تتوافق مع البنية الاجتماعية والثقافية لذلك الإقليم. فأين هي الوحدة العربية؟ولو قال ساطع الحصري لطه حسين: "اضمن لي التكامل الاقتصادي والوحدة الاقتصادية، وأنا أضمن لك الوحدة العربية" لكان الحصري في ذلك أكثر واقعيـة، وأكثر علماً بالتاريخ الحديث، ومعادلاته الجديدة التي لم تعد معادلات قومية أو لغويـة أو تراثية بقدر ما أصبحت معادلات تحكمها الأرقام ودفاتر الحساب. ولنـا من أحدث تجارب الوحدة – الوحدة الأوروبية مثالاً بارزاً – خير شاهد ودليل على تغير معادلات التاريخ وكيميائه. وهو ما عبَّر عنه نقولا سركيس أحد المفكرين اللبنانيين العقلانيين بقوله: "إن الإنماء الاقتصادي والتعاون الإقليمي هما أمران متلازمان في منطقة قطَّعتها نـزوات التاريخ والدول الكبرى إلى دول صغيرة يمكن ترسيخ توحيدها السياسي بتكامل اقتصادي قومي متين." (العرب الأثرياء والعرب الفقراء، ص 6). ولعل الإنماء الاقتصـادي المطلوب بداية هو إلغاء الرسوم الجمركية بين الأقطار العربية المتكاملة اقتصادياً، وتوحيـد السياسات الاقتصادية، واندماج المؤسسات الاقتصادية من بنوك وشركات ومصانـع وخلاف ذلك، وصولاً إلى مرحلة سياسية يتم فيها تنسيق المواقف السياسية، وذلـك على غرار ما قامت به الوحدة الأوروبية من خطوات في نهايات هذا القرن.أهمية الوحدة الاقتصاديةيطرح المفكر المغربي محمد عابد الجابري سؤالاً يقول:هل يمكن تحقيق الوحدة الاقتصادية، أو حتى مجرد الشروع الجدي فيها، دون الشروع في تحقيق الوحدة على صعيد الفكر والإيديولوجيا والشعور والوجدان، وبالتالي على صعيد الاجتماع والسياسة؟وهو يعني هنا ضرورة وجود ن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram