وثيقة الاصلاح السياسي المعتمدة برنامجا للحكومة العراقية الحالية، تضمنت فقرة تنص على تشريع قانون الحرس الوطني، بوصفه الاطار القانوني لحصر السلاح بيد الدولة والحد من ظاهرة السلاح المنفلت سواء كان مستخدما من قبل العشائر، أو من جماعات اخرى تابعة لقوى سياسية ، الاطراف المشاركة في الحكومة ، وقعت على الوثيقة ، فأصبحت ملزمة بتنفيذها بتمرير التشريعات الخاصة بالوثيقة خلال سقف زمني محدد ، غير خاضع للتسويف والمماطلة والترحيل الى دورة تشريعية مقبلة كما جرت العادة، في ضوء فشل الفرقاء في التوصل الى اتفاق لحسم القضايا الخلافية .
قانون تشكيل الحرس الوطني خضع للشد والجذب ، لكن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بعد عودته من دولة قطر ، اكد تمريره بكل الاحوال ، لكن تصريحه لم يجد الأذان الصاغية من الكتل النيابية ، فواجه سيلا من الاتهامات ، هناك من فسر مشروع القانون بانه سيكون بداية تقسيم العراق ، وكتلة نيابية اخرى معروفة بتصريحاتها النارية ، اتهمت الولايات المتحدة الاميركية بشق الصف الوطني ، والانحياز لمكون اجتماعي على حساب آخر ، بصريح العبارة ، الجانب الاميركي يقف مع السنة ضد الشيعة ، بإعلانه دعم تمرير " قانون الخلاف الوطني" .
واحدة من مشاكل العراق الامنية المستعصية تتجسد بعجز الحكومات المتعاقبة عن حصر السلاح بيد الدولة ، ولخطورة الظاهرة ، اتفق شركاء العبادي وحلفاؤه على تشريع قانون الحرس الوطني ، ليكون الاطار الجامع لكل الفصائل المسلحة المتصدية للإرهاب ومحاربة تنظيم داعش ، مع بدء العد التنازلي لإقرار المشروع ، برزت العراقيل والعقبات ، فكل طرف يرغب في ضمان مصالحه والحفاظ على فصيله المسلح لاستخدامه في أيام الشدة .
"قانون الخلاف الوطني" يجسد بكل وضوح حالة فقدان الثقة بين الفرقاء ، فضلا عن تأكيد مخاوفهم من احتمال بروز نزاعات مسلحة بين المكونات الاجتماعية مادامت امتلكت فصائلها الخاصة للدفاع عن وجودها ، التصريحات المعلنة كشفت عن حجم المخاوف ، على الرغم من استنادها الى اوهام ، يعتقد دعاتها انها اصبحت حقيقة راسخة في الحياة العراقية .
الخلاف حول مواد القانون يعني اطلاق رصاصة الرحمة على وثيقة الاصلاح السياسي وابطال مفعولها حين تخضع لحسابات المصالح الحزبية والفئوية ، بمعنى آخر التنصل عن البرنامج السياسي للحكومة الحالية، وتعطيل دور البرلمان التشريعي في تمرير المشاريع الخاصة بتنظيم الحياة السياسية ، بفرضية الضغط الدولي على الفرقاء العراقيين ، وبعد ان تصفو القلوب قد تدفعهم ساعة رحمانية لتجاوز الخلاف باعتماد مبدأ التوافق الوصفة العراقية السحرية القادرة على ضمان حقوق كل طرف بالتراضي ، العنوان المهذب لأبرام الصفقات .
في برنامج بثته فضائية عراقية ، خصص لاستقبال اراء المشاهدين حول تشكيل الحرس الوطني قال احد المتصلين ، حين نشاهد جدارية تحمل صورة زعيم سياسي شيعي في احياء سنية وبالعكس ، حينذاك تتوفر الارضية المناسبة لتشريع جميع القوانين الخلافية ، طوط طوط انقطع الاتصال .
قانون "الخلاف" الوطني
[post-views]
نشر في: 9 سبتمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
أبو أثير
على ذكر الصور كما جاء في نهاية مقالتك المبدعة .. العراقي بات يقول ياريت الصور تقتصر على زعيم شيعي على ألأقل من عدنا وبينة على كولت المثل العراقي ... بل أخذت تغزو مدينة بغداد السليبة صور لمعممين دول أجنبية حيث بتنا نراها هنا وهناك وهي تخدس مشاعرنا وأبصارنا