بعد انتشار الصور الفاجعة عن المهاجرين السوريين والعراقيين ، الذين قضوا نحبهم غرقا في البحر ، وتقاذفتهم الأمواج العاتية نحو هذا الجرف او ذاك .. هرع صحفي عراقي نحو سياسي يهم باعتلاء سيارته . وسأله : إن كانت ثمة خطة مدروسة — طويلة او قصيرة المدى — للحد من أعداد النازحين للخارج هربا من نيران المحرقة الجارفة للأخضر واليابس ، عبر تفجير او خطف او ابتزاز ، او … حمايتهم من المصير الفاجع الذي يهددهم بالغرق .
آجاب المسؤول — نافد الصبر — بعد أن تنحنح وبلع ريقه :
— اطمئن ، أعدك اننا لن نتخلى عنهم ، سنستقبل الجثامين بما يليق بهم من اعتزاز ، ودون عراقيل .
(( التصريح غير مفبرك ولا منتحل ، ومثبت عبر ارشيف من نقل الخبر ))
…………….
كنا حين نعود للعراق بعد سفرة للخارج ، تطالعنا ، حال دخولنا الحدود العراقية اقترابا من تخوم العاصمة ، لافتات كبيرة ، تتعاقب تباعا طوال الطريق ( اهلا وسهلا بكم في العراق ) …. حينها ، كنا نعانق حروف الجملة بجذل غامر ، ويغمرنا إحساس غريب .
إحساس طفل تائه اعادوه لحضن امه بعد طول غياب.
………
تصريح المسؤول بشأن استقبال جثامين الذين قضوا نحبهم غرقا ، بما يليق بهم من إكرام .. وصمة عار في تاريخ الإنسانية والعراق على وجه الخصوص .
بعد العجز عن توفير فرص للقادرين على العمل ،، بعد العجز عن توظيف الخريجين العاطلين . بعد العجز عن توفير سكن ملائم لساكني الأرصفة والخيام وبيوت التنك . بعد الاكتفاء بمدارس الطين والدوام الثلاثي في المدارس ، بعد العجز عن استرجاع الأموال المنهوبة . بعد العجز عن تقديم حيتان الفساد للقضاء ( العادل ) ،، بعد وبعد ،، وبعد ، يرن جرس الهاتف بلجاجة : اسمع صوتا راعفا بالهلع والحيرة ::
— خالة ،، نحن على حدود بغداد ، الحرس يمنعنا من الدخول ( اسمع نشيجا مكتوما) يريدون كفيلا (يتعالى النشيج متقطعا) .. فهل لكم قدرة على ….كفالتنا ؟!
……….
ببغداد يشترطون على العراقي ، ابا عن جد ، وبوثائقه الثبوتية كاملة ، بإحضار كفيل كشرط اساسي لدخوله عاصمة بلده .!!
في المانيا - وبعض دول الغرب - تحت وطأة الظروف العصيبة — تم إلغاء شرط الكفيل للنازحين . تم التغاضي عن التدقيق في اوراق المهاجر الثبوتية ، تم لجم السؤال عن الدين والمذهب والطائفة والقومية ، و،، واكتفوا ب،،،، بإنسانية الإنسان .
اطمئنوا سنستقبلهم بما يليق بهم !!
[post-views]
نشر في: 9 سبتمبر, 2015: 09:01 م