وكالة الانباء العراقية "واع" كانت تزوّد الصحف ووسائل الإعلام المحلية الأخرى بأخبار وتقارير عبر جهاز يدعى " التيكر" انقرض بعد استخدام الشبكة العنكبوتية في العراق ، الصحف الرسمية قبل عام 2003 ، كانت لا تستغني عن "التيكر" ليس لأهمية اخباره ، ولكن خشية تجاهلها خبرا يحمل توصية " ينشر بتوجيه " ، يخرج الخبر في اليوم التالي بصيغته الواردة من الوكالة في جميع الصحف ، عادة ما ينشر في الصفحة الاولى ، في مكان بارز ، في بعض الاحيان يكون الخبر من "النوع البايخ" بحسب وصف مسؤول الصفحة لا يستحق الاهتمام ، فيذهب الى سكرتير التحرير لاستشارته ، حول نشر الخبر ، فيأتيه الجواب الفوري الجاهز ، انشره وإلا ستصبح مشعول الصفحة .
من نماذج الاخبار المطلوب نشرها بتوجيه، شهدت ناحية سيد دخيل امس تنظيم تجمع عشائري بحضور الرفيق امين سر قيادة فرع الحزب فلان الفلاني ، تكرار الخبر على جهاز "التيكر" يضع مسؤول الصفحة في حيرة من أمره، يطرح جملة اسئلة عن اهميته وجدواه ، حين يخبره احدهم بأن إذاعة معادية بثت صباح اليوم خبرا يؤكد مقتل الرفيق فلان الفلاني بهجوم مسلح ، يصل الى قناعة اكيدة بان الخبر يستحق ان ينشر في الصفحة الاولى في مكان بارز لدحض تخرصات الأعداء .
الصحف العراقية اليوم الصادرة عن احزاب وجهات غير رسمية لم تتخلص بعد من توصية ينشر بتوجيه ، حين يقرأ أمين عام الحزب سورة الفاتحة في مجلس عزاء اقيم على روح المرحوم ابو زوجة قيادي بارز في الحزب ، ينشر الخبر في الصفحة الاولى مع صورة ملونة ، مسؤول يزور محافظة ميسان لوضع حجر اساس إنشاء مدرسة ابتدائية ، هو الآخر ينشر بتوجيه مع مقال يكتبه رئيس التحرير يسلط فيه الضوء على محطات بارزة من حياة المسؤول بدءا من طفولته مرورا بدوره الجهادي بالقضاء على الديكتاتورية حتى توليه منصبه الحالي ،في حكومة الملائكة بحسب تعبير وزير الخارجية إبراهيم الجعفري .
الإعلام شبه الرسمي خضع لأوامر ينشر بتوجيه ، فترسخ التقليد بفعل هيمنة صانع القرار على الهيئات المستقلة ، تصدر الاوامر بتغطية وبث نشاطات شخصيات وجهات حزبية محددة ، حتى المقابلات واختيار الضيوف للحديث في البرامج الحوارية تخضع لشروط ، تصل احيانا الى فرض حظر على ظهور اكاديمية معروفة في برامج تتناول مظاهر اجتماعية ، لأن الاكاديمية غير محجبة ، توجه انتقادات مباشرة لمسؤولين قياديين في الحزب الحاكم ، على هذا المستوى من التفكير المريض ، يتحقق إعلام الدولة المستقل المجرد من الميول والولاءات ويتخلص من أوامر ينشر بتوجيه .
نظرا لغياب مؤسسلات استطاع الرأي في العراق من الصعوبة معرفة حجم جمهور وسائل إعلام الدولة ، العاملون في نصب أجهزة التقاط البث الفضائي وتنظيمه لديهم ما يؤكد ان اغلب العراقيين يفضلون الفضائيات العربية على المحلية ، نسألكم الدعاء مولانا ، ينشر بتوجيه .
ينشر بتوجيه
[post-views]
نشر في: 11 سبتمبر, 2015: 09:01 م