كشف النقاب مؤخراً،عن ان مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي كان يقوم بمراقبة الروائي الكولومبي غابريل غارسيا ماركيز الحائز على جائزة نوبل للآداب،وقد كشفت صحيفة واشنطن بوست في مقال لها عن ذلك الموضوع ان القضية تعود الى عام 1961 حين زار ماركيز الولايات ا
كشف النقاب مؤخراً،عن ان مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي كان يقوم بمراقبة الروائي الكولومبي غابريل غارسيا ماركيز الحائز على جائزة نوبل للآداب،وقد كشفت صحيفة واشنطن بوست في مقال لها عن ذلك الموضوع ان القضية تعود الى عام 1961 حين زار ماركيز الولايات المتحدة لأول مرة للعمل كمراسل لوكالة الانباء الكوبية حيث يشير المقال الى الشكوك التي راودت موظفي المكتب في الغاية من عمله كونه لم يكن يحسن اللغة الانكليزية بشكل جيد يمكّنه من العمل كمراسل ،هذه ترجمة لمقتطفات من المقال كما نشرته صحيفة الواشنطن بوست.
حين وصل غابرييل غارسيا ماركيز مع زوجته وابنه الرضيع الى مانهاتن في الولايات المتحدة ، كان يبلغ من العمر 33 عاما ، وكان قد شرع حينها في بدء حياته المهنية ككاتب ،لكنه لم يكن لديه ادنى فكره ان مكتب التحقيقات الفيدرالي قد وضعه تحت المراقبة.
كان ذلك عام 1961، حين نظم ادغار هوفر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك بهدوء ملفا سريا عن ذلك الشخص الكولومبي النحيف، ذي الشوارب الكثة. هذا الملف الذي ستتراكم فيه المعلومات في السنوات المقبلة، حتى حين يصبح غارسيا ماركيز صديقا حميما للعديد من زعماء العالم ويحصل على جائزة نوبل للآداب .
وقد ظل وجود ذلك الملف أمراً سرياً حتى الآن.
لم يكن دافع مكتب التحقيقات الفيدرالي في مراقبة غارسيا ماركيز واضحاً، ولكن ماركيز كان قد سافر لتوه إلى الولايات المتحدة للمساعدة في إنشاء خدمة إخبارية للحكومة الكوبية. وفي السنوات التالية ، أصبح شخصا يساريا ومن اصدقاء الدكتاتور(كما يصفه صاحب المقال) الكوبي فيدل كاسترو.
وفي وقت لاحق، عندما سعى مسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي لتحديث صورة غلاف الملف السري، قاموا ببساطة بنسخ غلاف واحدة من الروايات الأكثر مبيعا لغارسيا ماركيز وتم ختم الملف بعبارة "سري".
كان الشخص المكلف بمراقبة غارسيا ماركيز يسخر من معرفة ماركيز المحدودة باللغة الإنجليزية ، وكان الملف يضم صورا للكاتب نشرت في مجلة تايم،و صحيفة نيويورك تايمز ومطبوعات له باللغة الاسبانية. ومقالة عن تسلمه لجائزة نوبل في الأدب عام 1982، فيما وضع عميل المكتب خطأ تحت عبارة تصف ماركيز بأنه "صديق مقرب من فيدل كاسترو."
وقد رفعت السرية وتم الإفراج عن 137 صفحة من ذلك الملف بناء على طلب من صحيفة واشنطن بوست. و أرجأت 133 صفحة إضافية، مما يجعل من غير الواضح بالضبط ما الذي أثار اهتمام الوكالة في هذا الكاتب. لكن الأنباء عن وجود ملف له يضع غارسيا ماركيز جنبا الى جنب مع كتّاب مثل إرنست همنغواي،و جون شتاينبك الذين كانوا مراقبين ايضا من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي ، وكان ذلك جزءاً من عملية المراقبة المحلية الواسعة في كثير من الأحيان بعيدا عن وجود أدلة على ارتكابهم أية مخالفات. ولم تظهر السجلات أي إشارة ،إلاّ أن المكتب فتح تحقيقا جنائيا مع غارسيا ماركيز.
مع انتشار شهرته، أصبح غارسيا ماركيز صديقا لكبار الشخصيات الدولية، منهم الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران والرئيس الأمريكي بيل كلينتون.وقد زار غارسيا ماركيز البيت الأبيض عدة مرات خلال سنوات رئاسة كلينتون. واخبره الرئيس كلنتون انه قرأ روايته "مئة عام من العزلة "،لاول مرة حين كان يدرس في الكلية واعتبرها من الروايات المفضلة لديه.
وقد وصف الرئيس اوباما غارسيا ماركيز بأنه ممثل وصوت الشعب في الامريكيتين ،
يقول رودريغو الابن الاكبر لغارسيا ماركيز، ان أسرته لم تلاحظ أي إشارة على أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان يراقب والده. لكن غارسيا،الذي يعمل منتجا سينمائيا وتلفزيونيا في لوس أنجلوس، لم يستغرب من حصول مثل هذا الامر.
وقد قال ايضا (بالنظر إلى حقيقة أن هذا الرجل كان في نيويورك يفتح مكتبا لوكالة الصحافة الكوبية، فإنه سيكون امرا غير عادي إذا لا تتم مراقبته،".
ويضيف ان والده قال له أكثر من مرة انه في عام 1960 أو 1961 كان يلاحظ بعد ان ينهي عمله ويعود الى البيت ، أنه كان هناك اثنان من الرجال يتبعانه سيرا على الاقدام وكان التواصل بينهما يتم عن طريق الصفير. وقال غارسيا أن الافتراض الطبيعي في حينه أنهم كانوا يعملون لحساب وكالة المخابرات المركزية.
ومن المفارقات، التي يتحدث عنها ان والده قد تم طرده من وكالة الانباء الكوبية لاتينا، بعد بضعة أشهر فقط لأنه لم يكن يعتبر ثوريا بما فيه الكفاية.
ويضيف (لم يكن يدور في كوبا، صراع على السلطة. "ولم يكن والدي شيوعيا. في الواقع، كان قد نشر بعض المقالات حول رحلاته في البلدان الاشتراكية، وكانت هناك ردود فعل متباينة حول تلك المقالات . ولكنه كان لا يعتبر شيوعيا حقيقيا، لذلك فقد خسر وظيفته.لم يكن والدي ينتمي الى أي تنظيم سياسي)
في الصفحة الاولى في ملف مكتب التحقيقات الفيدرالي الخاص بالكاتب غارسيا ماركيز وبتاريخ 8 شباط 1961، كانت هناك إشارة من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي إدغار هوفر، وتوجيه ينص على انه "في حال دخوله الولايات المتحدة لأي غرض من الأغراض، يجب تبليغ المكتب فورا ".
و في نفس اليوم الذي بدأ غارسيا ماركيز عمله في مكتب وكالة الانباء الكوبية لاتينا، كان تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي يشير الى ان ذلك المكان"يضم عددا من الشيوعيين وأنصارهم".
توجد في الملف ملاحظة لأحد العملاء تاريخها بعد مرور شهرين لوصول ماركيز الى نيويورك تشير الى انه يعتقد ان الاسم الأول لغارسيا ماركيز قد لا يكون في الواقع خوسيه.(وكما يقول ابن الكاتب ان ذلك هو اسمه الاوسط ولم يكن يستخدمه) ويذكر احد عملاء المكتب أن غارسيا ماركيز،الذي كان آنذاك في الثالثة والثلاثين من العمر(1961) كان يقوم بتغطية محاكمة رجل كوبي متهم بارتكابه لجريمة قتل ، وأضاف ملاحظة لتقريره: " ان غارسيا ماركيز كان يعاني من صعوبة بالغة في اللغة الإنجليزية. ونتيجة لذلك فانه لا يتمكن من تغطية أحداث المحاكمة
وكشف المخبرون السريون أن غارسيا ماركيز كان يدفع 200 دولار في الشهر كأجرة لغرفته بالفندق، حيث كان يعيش مع زوجته وابنه البالغ من العمر سنتين - المقصود هو رودريغو غارسيا - وأنه لم يكن يزورهم احد،وقد ضم الملف وصفا لماركيز: طوله وقسمات وجهه وجسمه النحيل آنذاك.
في نيسان 1961، أرسل احد عملاء المكتب تقريرا سريا الى مدير المكتب هوفر يشير فيه الى انه تم تعميم تسع نسخ لمذكرة تتضمن تقييما لشخص وعمل غارسيا ماركيز، وأن مكتب نيويورك قد فتح ملفا رسميا بخصوص ماركيز الذي كان يعمل صحفيا في ذلك الحين. وأشار الملف ان غارسيا ماركيز ولد في السادس من آذار عام 1928، على الرغم من ان المصادر المنشورة الحالية تشير إلى أنه ولد في عام 1927. ويقول ابنه أنه في هذه الحالة، فان التاريخ الذي يذكره مكتب التحقيقات الفيدرالي هو الصحيح:.
وفي تموز 1961، أشارت احدى المذكرات إلى ان فريقا من عملاء المكتب اتصل بمالا يقل عن تسعة مخبرين سريين لتكليفهم بمهمة مراقبة غارسيا ماركيز وأنشطته.
ويظهر الملف انه قد تم إرسال عدد من التقارير مباشرة إلى مكتب المدير هوفر.
وملف غابريل غارسيا ماركيز ليس هو الاول ، فهو يتماشى مع تاريخ طويل من عمليات المراقبة التي قام بها مكتب التحقيقات الفيدرالي لعدد من السياسيين والفنانين والكتّاب.
فقد أظهرت السجلات التي تم كشفها لصحيفة واشنطن بوست ان المكتب ، كان يراقب الروائي نورمان ميلر.فقد تم استجواب أصدقائه، ، وعممت صورته بين المخبرين. وتم الاحتفاظ بسجلات عن ظهوره في المؤتمرات والبرامج الحوارية، وتم تعقب من كان يرسل له بطاقات عيد الميلاد، وأكثر من مرة كان عملاء المكتب يطرقون بابه متنكرين في زي موصلي الطلبات.ووصل الامر الى الإيعاز الى بعض النقاد لكي ينتقدوه بأسلوب مشين ،وهذا ما حدث فعلا مع كتابه (ميامي وحصار شيكاغو).