ليس العجب أن تُنشر أخبار كاذبة في قناة الدولة الفضائية "العراقية" بقصد الحدّ من اندفاع الناس نحو ساحات المظاهرات يوم الجمعة الماضي، سابع جمعة المظاهرات.. وليس العجب أيضاً أن يجري التشنيع والتلفيق في حق المتظاهرين وتوجيه الاتهامات الباطلة إليهم، من قبيل العمل لجهات وأجندات معادية لقاء المال، ونزول فلول النظام السابق وداعشيين إلى الساحات.. العجب ألا يحصل هذا.. عدم حصوله كان سيعني أن المظاهرات لم تمسّ أحداً بسوء ولم تُخِف أحداً، كما لو أنها لم تكن.. وهو ليس كذلك بالطبع.
نعرف أن موقف التجاوب والتأييد للمظاهرات ومطالبها من جانب الحكومة والبرلمان كان موقف المضطر، ذلك ان الأغلبية من القوى والشخصيات المتنفذة في السلطة لا تكنّ الودّ للمتظاهرين، لأن مطالب الإصلاح تمسّ في الصميم مصالح هؤلاء، وهي مصالح غير مشروعة، تحققت تجاوزاً على الدستور وأحكامه واستناداً الى نظام المحاصصة غير الدستوري الذي توافقت عليه هذه القوى والشخصيات تحقيقاً لمصالحها الشخصية والحزبية واستئثاراً بمغانم السلطة.
أعداء الحركة الاحتجاجية المناهضة لنظام المحاصصة هذا والمطالبة بإصلاح النظام السياسي كثيرون للغاية، وأصبحت لديهم خبرة طويلة في التشنيع والتلفيق توازي خبرتهم في استخدام الدين، مثلاً، لتحقيق فسادهم.. هؤلاء لا يستعينون بالوسائل القذرة في مواجهة الحركة الاحتجاجية، حفظاً لمصالحهم وامتيازاتهم المتأتية من وجودهم في السلطة فحسب.. إنهم يفعلون ذلك أيضاً في سبيل إجهاض الحركة الاحتجاجية قبل أن تبلغ أهدافها الرئيسة وقبل أن تبدأ عملية الإصلاح، وقبل أن يجري فتح الملفات الخطيرة وتحديد المسؤوليات عنها، كملف سقوط الموصل وسائر المناطق في أيدي داعش وملف مجزرة سبايكر وملفات الفساد الإداري والمالي وسواها.
في مواجهة هذه الحملة المتوحشة ضد المظاهرات ونشطائها البارزين يتعيّن على هؤلاء الناشطين الحرص على وحدة صفوفهم وعدم الإنجرار إلى ما تريده القوى الواقفة وراء عمليات التشنيع والتلفيق ومساعي التسقيط، بل يتطلب الأمر توسيع دائرة العلاقات مع هيئات وقوى وشخصيات داخل مجلس النواب والحكومة وفي المجتمع، فمن شأن هذا تقوية الحركة الاحتجاجية والتمكّن من الحصول على المعلومات اللازمة لفضح المسؤولين عما حلّ بنا من خراب عميم ودمار شامل كانا الأساس في اشتعال فتيل الحركة الاحتجاجية.
أعداء الحركة الاحتجاجية لديهم القدرة على تعويق هذه الحركة ومنعها من بلوغ منتهاها، فلديهم الأموال التي نهبوها على مدى سنوات، وهي بعشرات مليارات الدولارات، ولديهم ركائزهم المكينة في السلطة، ولديهم الخلايا اليَقِظة والنائمة المبثوثة في مفاصل الدولة بسلطاتها الثلاث.. بيد ان هذا كله لن ينفعهم في شيء اذا ما أحسن الناشطون إدارة حركتهم مثلما أحسنوا إطلاقها.
حملة التشنيع بالمظاهرات.. لماذا؟
[post-views]
نشر في: 13 سبتمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
نحن نعلم ان جميع التظاهرات في العالم عندما تنطلق يكون لها قيادات لها ثقلها الوطني ولها اسناداتها تكاد تكون اعلامية او مادية او قوة عسكرية او امنية تستند عليها حتى تحافظ على ديمومتها الا التظاهرات الجماهيرية العراقية لم تكن لها قيادات لها دورها ولها سطوت