TOP

جريدة المدى > عام > الإبداع الفلسطيني.. هالة من الحضارة الساخنة

الإبداع الفلسطيني.. هالة من الحضارة الساخنة

نشر في: 15 سبتمبر, 2015: 12:01 ص

شعب حي لن يذوب او تمحى ذاكرته من خارطة الحضارات الساخنة التي تعرضت الى التهميش ، والتي استطاع شعبها النضال بفعل العوامل الابداعية الراقية التي تتحدى بها الشعوب الاخرى في تأريخ ثقافي اصبح يمتلك من القدرات ما ينافس به الثقافات الأخرى. ليجعل من فلسطين ح

شعب حي لن يذوب او تمحى ذاكرته من خارطة الحضارات الساخنة التي تعرضت الى التهميش ، والتي استطاع شعبها النضال بفعل العوامل الابداعية الراقية التي تتحدى بها الشعوب الاخرى في تأريخ ثقافي اصبح يمتلك من القدرات ما ينافس به الثقافات الأخرى. ليجعل من فلسطين حضارة عابقة بالفن والجمال، وبثورة علمية بدأت بتطوير القدرات على صعيد محلي، وبمهمات انسانية تتضمن ثقافات الشعوب الاخرى والاندماج فيها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اذ تبدو الخطى المتسارعة في التقدم الثقافي بكافة نواحيه ملموسة في مجالات عدة حيث يبدو الابداع الفلسطيني هالة من الحضارة الساخنة التي تتحاور مع الثقافات الاخرى بعقلانية ووجدانية تتيح للبعض الاضطلاع على المخزون التراثي وابعاده الجوهرية، والعوامل الذاتية والموضوعية التي تدفع الى الابداع الجدير بحل مشكلات فلسطين عبر الزمن ، ولكن ضمن الفكر الوطني المرتبط بالهوية من الماضي حتى الآن .
لا ينحصر النشاط الانساني عند الشعب الفلسطيني على الجهاد النضالي فقط. اذ بدأ بالقاء الضوء فنيا على العديد من المواضيع المفتوحة ثقافيا على الشعوب الاخرى، لاضاءة المفاهيم الصحيحة التي حاول طمسها الكيان الصهيوني من قبل، فالتصوير الفوتوغرافي عند فناني التصوير الفلسطينيين لم يعد مجرد عدسة ضوئية تمنح المكان صورة للذكرى لا تخرج من الاراضي المقدسة. لان ابعاد الزمن القديم تغيرت بفعل تطور الحضارات تقنيا. لتخرج الحضارة الفلسطينية الى النور بقوة من خلال اعمال ثقافية تحمل التاريخ المحفوظ في الذاكرة كله ا، كاعمال المصور الفوتوغرافي المعاصر " فادي عميرة " الممسك بعين فلسطين. ليرى العالم الاماكن الجميلة فيها والتي تعود الى الارض المباركة بكل ما فيها من اماكن اثرية غارقة بآيات الله على الارض مثل صورته الضوئية عن قرية جبرين او المغارة الجرسية او باب العامود ، وحتى القدس وبعدسة تتحرر من كل القيود لتضع حدودها الضوئية ضمن جمالية المكان لاظهاره الى العالم ، وكأنه يستولي على الاماكن ويؤرشفها في ذاكرة فلسطين وبمحاكاة فوتوغرافية واعية تستمد قوتها من فن يحافظ من خلاله على جدارة الصورة وقوتها في حفظ الحقوق . بل والتأثير على الرأي العام الذي يرى الاماكن الاثرية من خلال عدسة " فادي عميرة" الفوتوغرافية .
لا يمكن حصر الابداع الفلسطيني في مقالة واحدة. لان الموضوع متشعب، الا انه قادر على القاء الضوء على حضارة هالتها ليست ابنة الحاضر ليسلبوها المستقبل فهي ابنة الماضي الذي يصعب محوه بعد القدرة الهائلة الذي استطاع من خلالها الشعب الفلسطيني جمع الحكاية من البداية حتى الآن عبر الفنون الاخراجية، والوثائقية والمادة الفيليمية ، كفيلم " غزة تنادي " للمخرجة " ناهد عواد" التي اتقنت فن الاخراج ببساطة وعفوية، وضمن الواقع الاغترابي المعاش والنزعة الخبيثة في النفوس الاسرائلبية التي تمنع الخروج والدخول من والى غزة . الا ضمن شروط مستحيلة احيانا يتعذر على الام رؤية ابنها . الا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وايضا فيلم " لو اعرف ان النهر قد جف"" الذي يبحث عن الحرية ، لان الحرية لا تكون الا على الأرض التي نحن منها حيث الانتماء الأقوى للوطن برغم كل القيود المفروضة من الاسرائيليين، فبعض الصور من الأرشيف تؤكد على انتهاكات حقوق الإنسان، ولو بلمحة بسيطة منها الطفل الذي يصرخ أمام الجندي الإسرائيلي .فماهية الفيلم تتجلى في العناصر مجتمعة وبالفكرة المؤمن بها المخرج " عمر روبرت هاميلتون" لإيصالها بقالب تحفيزي يتشارك به معه ليبني الرؤية السينمائية بعاطفة يميل معها المتفرج ويتأثر وطنيا. مما يحقق دور الفيلم في استنتاج يحظى بعقلانية تسمح بالتفكر بحق العودة. فالانطلاقات السينمائية والاخراجية الفلسطينية لم تعد مخبوءة ولا هي تحت براثن الاحتلال . لأن الفلسطيني في كل مكان بات يحمل هويته وينادي بها ثقافيا وفنيا ومن خلال حرية الرأي والتعبير وحتى في محافل دولية وعالمية .
لا يمكن نسيان ان الادب الروائي ولا القصصي ولا حتى الشعر الحامل لهموم بلد كل يوم هو ضمن اوجاع وآلام لا تنتهي ، فالادب المعاصر والشعر الحداثي انتشرا في كل بقاع الارض عبر ابناء فلسطين الذين يحلمون بالعودة وحتى من هم على ارض فلسطين، كهالة تضيء الافق بشمس ملتهبة لا تخبو حرارتها، ولا يصاب شعبها بالملل او الضجر من الحفاظ على توهج هالة الثقافة المضيئة لحضارة ما زالت برغم كل النكبات موجودة في كل عمل فني او ادبي حر . اذ تبرز من الاعمال الثقافية بمجملها سمات الشعب العربي بشكل عام والشعب الفلسطيني بشكل خاص . ان المعطيات الفلكلورية والتراثية التي تظهر من المخزون القصص والفني هي جزء حي من العصور السابقة والحاضرة، والمحملة بايديولوجيات تتباين وترتقي عبر تعاضد فترات الزمن وتبدلاته حسب المراحل الثقافية التي تكشف عن مكابدة الشعب الفلسطيني منذ بدء الاحتلال حتى الآن.
بقايا مشاعية يبني عليها الصهاينة ابنية بهندسة معمارية نوعا ما فلسطينية . ربما كنوع من مزج الهندسة المعمارية بفن يجمع بين القديم والحداثة. الا ان جدلية التاريخ المحصورة بالارث التراثي لم تعد وحدها هي العنصر المقاوم فقط للاحتفاظ بهوية شعب يمتلك كنوزه التي تبدأ من الفن المفاهيمي التعبيري المتمسك حتى بحبة الزيتون وشجرتها مثل اعمال الفنانة الفلسطينية " اريج لاون" ورمزية الكوفية وحبة الزيتون والقوة التي تعتمد على الاصرار في خلق ابداعي يميل الى اظهار قوة شعب نبعت من طينته صورة فلسطين وصولا الى الفنان التشكيلي " عدنان يحيى" وما تجسده المجازر في لوحاته من قيمة وطنية قبل الجمالية، وبأسلوب فني يجيد فن التأثر والتأثير لمن يرى لوحات سريالية تعبيرية ، لواقع قاس تعرض له الشعب الفلسطيني بدرامية رسمها " عدنان يحيى" وفق معادلاته التشكيلية الباحثة عن حقوق الانسان المنتهكة خصوصا في فلسطين المحتلة، فالحضارات تعرف بثقافاتها المحافظة على التاريخ والحاضر من خلال الادب والفن بكافة مجالاته وتنوعاته.
معاناة فلسطين من البداية الى البداية الآتية بصخب ثقافي يتجسد في اعمال فنية فتحت ابوابها، لتحفيز الذاكرة على الاحتفاظ بالتراث الكامل لهالة تثير الحس الادراكي للمعنى الوطني، لمدن لم تكسرها الصهيونية رغم الصعاب التي ذللتها للحفاظ على هوية ذات جذور عميقة في اصولها المنغرسة في فكر كل عربي بات يرى عملا ابداعيا لفكر فلسطيني يبحث وينقب عن تاريخ يعيد له مجده، وعن ريشة ترسم وتحكي بالالوان حكاية فلسطين بكل تفاصيلها ، وعدسة تؤرشف كل حدث يثري الذاكرة بما هو قادر على مخاطبة العالم بالعين والفكر والوجدان ، وبوثائقي يحفظ كل حرب او كل انتهاك لحقوق لانسان. لتصبو الحضارة المتينه بهالتها التي تتوهج كلما اصابها ضعف او وهن لتشحن نفسها بنفسها من خلال الابداعات العلمية والثقافية والادبية، لتحافظ على كيان فلسطين كوطن تتوجه كل مدينة فيه بميولها التراثية والفلكلوريه، وبوعي ابنائها الحاملين لفلسطين على اكف تضرجت بشتى انواع المحن والحروب ، والتي خرجوا منها بثقافة توجهوا بها نحو العالم ، وبلغات تعددت مصادرها، فابن فلسطين هو البار بوطنه اينما كان وفي اي بلد عاش فيه. لانه ابن فلسطين وسيقى الحامل لعلمها بكافة الوانه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي
عام

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

د. نادية هناوييؤثر الذكاء الاصطناعي في الأدب بما له من نماذج لغوية حديثة وكبيرة، حققت اختراقًا فاعلا في مجال معالجة اللغة ومحاكاة أنماطها المعقدة وبإمكانيات متنوعة وسمات جعلت تلك النماذج اللغوية قادرة على الاسهام...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram