TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وحدي في ساحة أيّامي

وحدي في ساحة أيّامي

نشر في: 14 سبتمبر, 2015: 09:01 م

وحدي في ساحة أيامي، وأحياناً مع صديق اسمه عواد ناصر.. في حوارات معقدة بلا طائل أهرب منه ومنها إلى أصدقائي القديمين جداً لنلعب أو نتشاتم أو نتبادل الدشاديش والألعاب الحافية ومن ثم.. الكتب.
أين أنتم، يا أصدقائي الميامين؟
عطية، الولد الأسمر مثل رغيف شعير والنحيل كقصبة في هور سحيق والذي أول من علمني صناعة الطائرات الورق كخبير محترف ، ونعيّم ابن جيراننا الذي يقود فريقنا لنربح دائماً في لعبة "أم حجيّم – بالجيم الفارسية" وهنا واحد من عيوب الكيبورد وواحد من أمجاد القلم.
و"سين" تلك البُنية الشهية التي لم تبلغ بعد سن الشيلة والعباية لكنها أتاحت لي أول رجفة مجهولة السبب جراء أول قبلة معروفة السبب.
فاضل عيسى الذي تناوبنا هو وأنا ، على حمل وشاح "فارس الصف" في الصف السادس الابتدائي بمدرسة ابن الأثير الابتدائية للبنين وعيوننا عبر سياج المدرسة نتلصص على مدرسة الوطن الابتدائية للبنات حيث المعلمات المثيرات لا التلميذات الصغيرات (قلة أدب مبكرة).
سامي علوان (مجهول المصير) الذي أعارني كتاب سلامة موسى "هؤلاء علموني" لتكر مسبحة كتبه فأقرأها كلها لاحقاً رغم صعوبة أن أفهم، وقتها، ما تعنيه "الاشتراكية الفابية".
صباح صاروخ الذي خدعني (مازحاً) بأنني سأبلغ القمر لو تسلقت بيديّ وقدميّ هذا الشعاع الفضي الذي يدخل عبر الرازونة إلى غرفة الطين.
ب. ع. ي تلك المسيحية الرائعة كانت تكبرني بخمسة عشر عاما والتي قبلت دعوتي لحضور فيلم "حلم الملوك" إخراج دانيال مان وبطولة إيرينا باباس وأنتوني كوين ولم أفهم منه شيئاً لأنني كنت منهمكا في تدبير مؤامرة خطيرة: أن ألمس يدها في الظلام... أعني ب. ع. ي لا إيرينا باباس.
بهلول حسن ، زميل مقعدي بعضلاته المفتولة والمعقودة فهو مواظب يومي على تمارين بناء الأجسام (أجهز على عشرين صمونة حارة من فم الفرن مباشرة) ومفوض الشرطة الشاب محسن ريكان المتواطئ معنا باحتراس شديد ونحن نتداول أسئلة الطبقات والعدالة والحلم الممنوع.. أعارني ابن ريكان بدلته الجديدة لأنني سأشارك في أول مهرجان شعري سيقام في قاعة الجامعة المستنصرية عام 1971.
سلام جاسم ، أول من عرّفني بجون شتاينبك في "عناقيد الغضب" وبعده جان بول سارتر في "الجدار" التي جعلتني أشعر بـ "الغثيان".. سلام أعد محاضرة نقدية طريفة في درس التربية الفنية بالمعهد بإشراف أستاذنا الفنان ماهود أحمد عن "أغلفة الكتب الأدبية" دعّمها سلام بأكثر من أربعين غلافاً انتزعها من مكتبته الشخصية وهو يتحدث أمام نحو المئة طالب من طلاب المعهد مثل أكاديمي ضليع.. قُتل سلام، كجندي مكلف في جيش الحكومة المتورطة في كردستان، بعد التخرج، في أحد سفوح عقرة.
أمي، طبعاً، التي أنبتني بشدة على "معاقرة" الكتب ولم أعبأ بتأنيبها المخلص لأعيش حماراً سعيداً.
الرفيق كاظم ... الذي يفترض أن يكون أول من "تسلّمني" بموجب "كلمة سر" لكن عملية التسلم والتسليم فشلت لأننا نسينا، نحن الاثنين، تلك الكلمة فتكرر الموعد بعد أيام ليزج بي "مرشحاً" لأول "خلية" أبالسة يحلمون بتغيير العالم، بدءاً من مدينة الثورة، لكن المهمة لم تنجح حيث العالم ينحدر إلى أسوأ حالاته وما يزال.
تغيرت الأحوال واستبدل الوطن بالمنفى وثمة أصدقاء جدد وكتب جديدة ونساء جديدات (حيث لا حب يدوم إلى الأبد).. لكن لا أم جديدة.
كل بلاد وطن عندما تعرف كيف تكتشفها وتقيم فيها وتعيد اكتشاف نفسك.
كل كتاب له لون وطعم ورائحة.
كل صديق له لون وطعم ورائحة.
كل امرأة لها لون وطعم ورائحة.
وتستمر الحياة حتى الموت وسيأتي من بعدي صديق يقف وحده في ساحة أيامه، يخوض حوارات معقدة مع نفسه بلا طائل ويستدعي أصدقاءه الميامين الذين سأكون أحدهم... ربما!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram