في الساحة السياسية العراقية تتردد مفردة الوجه ، بأشكال متعددة في تصريحات المسؤولين واعضاء مجلس النواب وقادة الاحزاب ورؤساء الكتل النيابية ، فمثلا حين يرفض وزير يحمل حقيبة سيادية حضور استدعاء البرلمان للتعرف على اداء وزارته يتهم بانه يتجاهل مطالبات ممثلي الشعب حفاظا على ماء وجهه ، على ايقاع تبادل الاتهامات من العيار الثقيل بين الكتل النيابية ، تبرز على السطح الوجوه السود والبيض ، ولا احد يستطيع التمييز ومعرفة اية كتلة تحمل اللون الاسود او الابيض ، فيما ترسخت في اذهان معظم العراقيين ان الوجوه جميعها سودة مصخمة ، لاوجود لمنطقة رمادية تبعث الأمل في نفوس الباحثين عن الاستقرار الامني والسياسي ، والشروع بتوطيد اسس بناء دولة عصرية ، تعتمد مبدأ الفصل بين السلطات ، تحترم حقوق الانسان ، تمتلك برنامجا واضحا في تحقيق التنمية ، تنقذ البلاد من ازمتها الاقتصادية الحالية نتيجة انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية ، وغياب تنفيذ مشاريع توفر موارد اقتصادية اضافية لموازنة الدولة.
من مفردة الوجه سواء كان بلون اسود او ابيض وحتى المصخم شاع استخدام مصطلح التوجهات ، تبنته جميع القوى السياسية ، هذا الحزب يمتلك توجها نحو اقامة دولة اسلامية تكون نموذجا في المنطقة ، توجه الحزب الاخر يدعو الى تبني المشروع الوطني والغاء الاصطفاف الطائفي ، تعددت التوجهات ، لكنها ظلت تراوح في مكانها ، في كل يوم يبرز وجه جديد ، حتى اصبح العراقيون امام شاشة كبيرة لاستعراض الوجوه تبعث على اثارة القلق والمخاوف ، لاسيما ان بعضها حمل السلاح ، واختار شعارات دينية ، في محاولة لأقناع العراقيين بانه الوجه الوحيد القادر على تحقيق رفاهيتهم .
الاطراف المشاركة في الحكومة اعلنت توحيد توجهاتها، وابدت استعدادها للتعاون مع رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي لتنفيذ برنامجه الاصلاحي ، لحفظ ماء وجه العملية السياسية ، ولاسيما ان التظاهرات الشعبية عبرت عن رفض كل الوجوه ، وطالبت بعملية اصلاحات شاملة ، وابعاد الوجوه المتورطة بارتكاب جرائم الفساد المالي والاداري .
قانون هيئة النزاهة العليا الصادر في العام 2011 تضمن فقرة تنص على الزام المسؤولين من كبيرهم الى صغيرهم بتقديم كشف عن ذممهم المالية ، التطبيق يخضع لاعتبارات النفوذ ، وصدرت تصريحات من جهات رقابية ، تؤكد رفض مسؤولين الخضوع لإجراءات الكشف عن اموالهم قبل وبعد توليهم المناصب والمواقع ، الجهة الرقابية المعنية بالأمر اعتادت على التلميح والاشارة من بعيد الى وجوه ترفض كشف ما جنته من مكاسب مالية ، ربما لخشيتها من المتنفذين .
تفسير الحكومة لرفض المسؤولين كشف ذممهم يعود الى انها لا تمتلك صلاحية فرض العقوبات ، فحملت السلطة التشريعية مسؤولية اصدار تشريعات تساعدها على ملاحقة المفسدين ، وفضح وجوه المتورطين بسرقة المال العام ، استجابة لمطالب المتظاهرين والحفاظ في اقل تقدير على ماء وجه الحكومة .
سياسة" صخام الوجه"
[post-views]
نشر في: 14 سبتمبر, 2015: 09:01 م