TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فساد المثقفين .. عديمي الموهبة

فساد المثقفين .. عديمي الموهبة

نشر في: 15 سبتمبر, 2015: 09:01 م

من طبيعة الحرب، أية حرب، انها تخلق مناخات خصبة للفساد الثقافي. كانت حربنا مع إيران قد وفرت اول فرصة سانحة لعديمي المواهب الأدبية والثقافية ليظهروا على العلن. لعبت "المكرمات" والعطايا دروا أساسيا في خروج هؤلاء من الجحور. للأمانة كانت حقبة السبعينات عصية على مثل هؤلاء ان يتسللوا بسهولة لتصدر المشهد الثقافي والأدبي بالعراق. فبعد ان كان الموهوبون من الشعراء والمثقفين وعموم الفانين والادباء يسهل عدهم، لندرتهم، وهم بالضرورة يجب ان يكونوا نادرين، صار عدد الشعراء الشعبيين، كمثال، لا تكفيهم لوريات لنقلهم صوب بغداد من المحافظات. الامر كذلك يشمل الإعلاميين وشعراء الفصحى ومدعي الثقافة ولو بشكل اقل من "ظاهرة" الشعبيين.
ثم جاء الحصار اللا انساني فلعب قانون "الحاجة ام الاختراع" لعبته. صار عدد المحسوبين على الفعل الثقافي عصيا على العد. كملت السبحة بعد السقوط بمجيء الطائفية لتتسيد كل المواقف. تصوروا فقط ان عدد الصحفيين المسجلين في النقابة اليوم يفوق عددهم في مصر التي نفوسها ثلاثة اضعاف نفوس العراق. وربما يفوق عدد صحفي الدول العربية مجتمعة. صار أي حديث عن ضرورة اعتماد مبدأ النوع او الموهبة يواجه باتهام قطع الارزاق. أي فساد أتعس من هذا؟
تسلط عديمي الموهبة على واقع الاعلام والثقافة والأدب والفن بكل اشكاله جعل أغلب، ان لم اقل كل، المؤسسات المعنية بشؤون الادب والفن يرأسها أصحاب الولاء الطائفي والعائلي والعشائري والمناطقي وليس المواهب. الأول الطائفي طبعا هو الأول والأهم. مروا عليها من نقابة الصحفيين الى جمعية الشعراء الشعبيين، وما بينهما، وآتوني باسم رئيس او نقيب موهوب او مرموق.
نعم تتحمل الدولة على مدى سنين قسطا من هذا الفساد القاتل. لكن ذلك لا يعفي النخبة المثقفة من المسؤولية. هؤلاء الذين تسيدوا المشهد الثقافي والإعلامي بالعراق استفادوا من سياسة "غض الطرف" او المحاباة لهذا وذاك.
سكوت الصحفيين على تولي عدي بن صدام رئاستهم قد نجد لهم فيه أكثر من مبرر. لكن بعد ان أزاحت أميركا صدام وابنه، أرى كل سكوت على سيطرة الاميين وعديم الموهبة على مرافق الحياة الثقافية ما هو الا مداراة لخبزة العيش او ضمان حق التقاعد وقطعة الأرض ودستة الرواتب المتراكمة: فساد.
وهناك فساد آخر ارتكبه ويرتكبه من صار او اقترب من درجة النجومية حتى وان كانت زائفة، وذلك بفضل برامج الفضائيات ومسلسلاتها. صار هاجس هؤلاء الأول هو البحث عن حياة اجتماعية مرفهة قوامها الموائد العامرة ذات خدمات النجوم المرتفعة التي يوفرها عديمو المواهب من كل الأصناف. من اجل هذا الهدف الهابط بكل المعايير، صاروا يربون "قططا" توفر لهم "متطلبات" ناعمة وأخرى خشنة عند الطلب. عن هذه البزازين الثقافية ، والتي تحلم ان تصير عتاويَ فيما بعد وربما صارت، لي حديث قادم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram