TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أيهما أجدر بالحظر المواقع الإباحية أم المنابع الملحية؟

أيهما أجدر بالحظر المواقع الإباحية أم المنابع الملحية؟

نشر في: 15 سبتمبر, 2015: 09:01 م

يا أعضاء البرلمان نحن هنا في البصرة لا نعاني من مشكلة المواقع الإباحية إنما نعاني من المنابع الملحية التي دخلت البصرة منذ ثلاثة أشهر ولم تصوتوا على البحث عن حلول لها، تُرى أما كان الأجدر بكم التصويت على قرار يقضي بإجبار إيران وتركيا على إطلاق حصتنا من المياه أم أنكم في غيبة عن جلودنا وهي تتشقق، عن زروعنا وهي تموت؟ ليتكم تخشون على أعيننا من العمى قبل خشيتكم على عُمَيرةَ من جَلدِنا له.
هنالك معادلة غريبة تقول: إن غالبية الفاشلين في الدراسة او اصحاب المعدلات الواطئة هم الذين يدخلون المدارس الدينية، في حين يذهب أصحاب المعدلات العالية للدراسة في الكليات العلمية (الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة) أما الذين بين أولئك وهؤلاء فيمتهنون السياسة. وضمن المعادلة الغريبة هذه يتحكم السياسيون من أصحاب المعدلات المتوسطة بمقادير الفريقين الأول والثاني. إلى الحد هذا قد تبدو المعادلة مقنعة، لكن في ظل الإسلام السياسي وتراجع مفاهيم السياسة يصبح أصحاب الفريق الأول (الفاشلون) أسياداً على الجميع، وهذا ما يحصل في العراق اليوم !
على وفق المعادلة هذه ولكي ندلل على صحة ما نذهب اليه، نجد أننا وحتى اللحظة هذه لم نسمع رأياً منصفاً واقعياً بشأن مئات الآلاف من العراقيين الذين هاجروا أو في طريقهم للهجرة، وكل ما سمعناه الحكومة أو من المشايخ أو في البرلمان او في المجالس الدينية لا يتجاوز حدود الغباء السياسي، إذ من غير المعقول أن يصف أحدهم بأن أوروبا بحاجة الى خدم ليس أكثر. تُرى ألا يجد الأوروبيون عمّالا للخدمة إلا من العراقيين وأمامهم الملايين من الآسيويين العاطلين عن العمل في بلدانهم الآمنة؟
ولكي نبلغ مرامنا في فهم الغباء السياسي عند هؤلاء نجد أن اعضاء مجلس النواب ذهبوا للتصويت بأغلبيتهم على قرار يقضي بحجب المواقع الإباحية داخل العراق، وكأن الحجب هذا هو مَن سيقودنا لنجاح العملية السياسية ولتحرير الموصل والرمادي وطرد داعش!! ومثل القرار هذا نعثر على عشرات القرارات التافهة التي صوّت عليها البرلمان وأعضاء مجالس المحافظات، فقد سبق لمجلس البصرة أن صوّت على جعل يوم السابع من احد الشهور عطلة رسمية، وصوّت على تسمية أحد الجسور بعد خلاف دار حول ذلك، وصوت أن المحافظة ستمنح جائزة لكل من يزرع نخلة امام بيته. ولو قرأنا مجمل ما صوّت عليه المجلس خلال السنوات العشر الماضية لعثرنا على ما هو أغرب وأسخف من ذلك. ولعلنا لا نُخطئ بقولنا إن تصويت العديد من أعضاء مجالس المحافظات في الجنوب الذي قضى بمنع دخول وبيع الخمور فيها لا يختلف عن ذلك بكثير.
صمتت حكومة البصرة عن إيجاد الحلول لمشكلة اللسان الملحي الذي بات يطرق ابواب المدينة منذ عام 2009 ولم تفعل له شيئاً لا، بل وأدَتْ عشرات الآراء والأفكار العلمية التي تقدّم بها الخبراء والباحثون، وعرقلت عشرات المشاريع التي تقدم بها ممثلو الشركات الأجنبية، لكنها وفي حمّى فلسفتها أصدرت قبل ايام بيانا يقول بان البصرة مدينة منكوبة (يا سلام) !
هي لم تستجب لنداءات مئات الآلاف من سكانها الذين تظاهروا مطالبين بحلول لمشكلة ملوحة الماء، وأغفل أعضاؤها معاناة هؤلاء المساكين الذين أسودّت وجوههم وتشققت جلودهم جراء استخدامهم الماء المالح هذا، لكنهم أفاقوا من غفوتهم ذات يوم، ليلبوا نداء المرجعية، وهي توصيهم بضرورة إيجاد حلول مستعجلة لمشكلة الماء المالح في البصرة، وهنا لا نريد أن نقلل من دور المرجعية لكننا نتحدث عن علاقة طبيعية نفترض وجودها بين دولة دستورية منتخبة ومواطنين يطالبون بحقهم في العيش الكريم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram