هناك مَن يعزو إنجاز أول فيلم متحرك في العالم إلى توماس أديسون، وهناك مَن يعتبر الأخوين لوميير أول مَن توصل إلى هذا الإنجاز الفني المدهش. غير أن الذي صنع الفيلم الأول في العالم، وفقاً للفيلم الوثائقي الذي عرض في تموز الماضي، ومدته 106 دقائق، هو الفرنس
هناك مَن يعزو إنجاز أول فيلم متحرك في العالم إلى توماس أديسون، وهناك مَن يعتبر الأخوين لوميير أول مَن توصل إلى هذا الإنجاز الفني المدهش. غير أن الذي صنع الفيلم الأول في العالم، وفقاً للفيلم الوثائقي الذي عرض في تموز الماضي، ومدته 106 دقائق، هو الفرنسي لويس لي برنس، الذي استقر في ليدز بالمملكة المتحدة، في أواسط القرن التاسع عشر، وكان مهتماً بالتصوير الفوتوغرافي الذي كان في بداياته.
فوفقاً لفيلم "الفيلم الأول" الوثائقي لديفيد ويلكنسون، فإن لي برنس هو الذي أفلح في التقاط الصور المتحركة الأصلية الأولى في تشرين الأول 1888. وقام، مستخدماً كاميرا واحدة موضوعة في صندوق من الخشب الصلب، بالتقاط شريط من الصور المضطربة لابنه وهو يعزف على الأكورديون، ومشهد حديقة في ضاحية راوندهَي وصور للشوارع التي حول جسر ليدز. والجدير بالذكر أن شريط لي برنس هذا بقي سليماً واستُعيد لاحقاً. والآن فإن الفيلم الصامت القصير موجود في "متحف الوسائل الإعلامية Media القومي" في برادفورد إلى جنب آلتَي تصوير اخترعهما لي برنس.
لكن هذا التطور العلمي المهم لم تكن له فائدة آنذاك إن لم يكن بالإمكان مشاهدة الفيلم. وهكذا راح لي برنس، وعلى مدى السنتين التاليتين، يجرّب بتقنيات البروجيكتَر أو التسليط الضوئي. وأصبح في النهاية مستعداً للكشف عن منجزاته للعالم عندما اختفى فجأةً و إلى الأبد.
ويشكل الغموض الذي اكتنف الموت المفترض للويس لي برنس في أيلول 1890 أيضاً موضوعاً لاهتمام ويلكنسون، صانع الفيلم الوثائقي، الذي يقوم متطوعاً كشرطي حديث بالتحقيق في تلك الظروف. فحين اختفى لي برنس، و كان بطول 6 أقدام و 4 إنجات، لم يُعثر على أمتعة سفره أبداً، ما أدى بالبعض إلى الجزم بأنه كان قد خطط لاختفائه. ورأى آخرون أن لي برنس كان يعاني من متاعب مالية وأنه أنهى حياته بسبب ذلك. أما ويلكنسون، فيقول " إننا في الواقع نعرف أنه قد حجز آنذاك للانتقال إلى أميركا بعد شهرين فاشترى بطاقة سفر بالدرجة الأولى. وهذا ليس سلوك رجلٍ مفتقر إلى المال ".
وهناك زعمٌ آخر مفاده أن صانع الأفلام قد قتله أخوه ألبرت في شجارٍ حول وصية أمهما. كما أن هناك احتمالاً أنه قد انسل بعيداً ليبدأ حياةً جديدة، مع أن قيامه بذلك وقد أنجز اختراقه العلمي المدهش ذاك ليس بالأمر الواضح.
غير أن النظرية الأكثر غرابةً هي القول بأنه قُتل بأوامر من منافسه العظيم توماس أديسون ــ الذي غالباً ما يوصف بالعبقري، خاصةً في موطنه أميركا، لكنه كان في الواقع سيئ السمعة لسرقته فِكَر أشخاص آخرين. أما ما إذا كان أديسون قادراً على القتل، فمسألة أخرى، لكن زوجة لي برنس اليائسة ليزي كانت تعتقد على نحوٍ مؤكد بأن الأميركي كان وراء اختفاء زوجها. وهي لم تتزوج مرة أخرى أبداً، وماتت عام 1927. ويقول ويلكنسون: " ليس هناك من شك في أن أديسون كان رجلاً قاسياً وأنهما كانا في سباق لصنع الفيلم الأول. وكان ذلك زمن الابتكار العظيم ".
وعلى كل حال، فقد نجح الأخوان لوميير وأديسون في تشغيل أفلام لجمهور يدفع وهكذا تم إخراج لي برنس من التاريخ، و إن ما تزال هناك إلى يومنا هذا لوحة تكريم له في ليدز. و لأنه لم يُعثر هناك على جثة للي برنس ، فلم يُعلن رسمياً عن وفاته لسبع سنوات أخرى آنذاك. وقد ترك هذا عائلته في حالة عجز عن التصرف وكان أقرباؤه غير قادرين على تسجيل براءة اختراعه بالتالي.
وقد حصل ويلكنسون على المساعدة لتمويل فيلمه الوثائقي هذا، ومدته 106 دقائق، من برنامج حكومي لتشجيع رجال الأعمال. وهو يقول هنا: " لو أن لي برنس لم يكن قد اختفى آنذاك لكان فيلمه سيُعرض في نيويورك في شهر تشرين الثاني 1890. و أنا مقتنع بأنه كان سيتدبر المال ليبدأ بالتصنيع على مستوى كبير وكان سيصبح مشهوراً جداً عندئذٍ ".
عن/ EXPRESS