الحكومة أعلنت في أكثر من مناسبة التزام رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بجداول زمنية محددة لتنفيذ الحزم الإصلاحية ، المتظاهرون المطالبون باتخاذ خطوات جدية لتحقيق الإصلاح الشامل لديهم حساسية من اعتماد السقوف الزمنية ، لأنها قد تخضع الى المماطلة والتسويف ، خصوصا حين يتطلب الإصلاح عقد اجتماعات مع اهل الحل والربط للتوصل الى اتفاق موحد ، تمهيدا لتنفيذ "الاصلاحات العبادية " على حد تعبير من يشكك بسرعة انجاز الاصلاح .
رفع الحواجز الكونكريتية وفتح الشوارع المغلقة في العديد من احياء العاصمة بغداد لا يحتاج الى مراجعة لمواد الدستور او اللجوء الى المحكمة الاتحادية ، لكنها من وجهة النظر الحكومية تتطلب استشارة احزاب وقادة سياسيين، لاتخاذ التدابير الامنية لحماية مقراتهم ومكاتبهم ، حينذاك ستزّف الحكومة بشرى افتتاح شارع مغلق منذ سنوات في حي الكرادة ، يقع فيه مكتب يقدم استشارات قانونية للمراجعين لمن يرغب في الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية .
العراقيون كانوا يتداولون مفردة شيلمان جمع شيلمانة في إشارة الى فضح الكذب ، عادة ما تطلق بوجه شخص "يهمبل" بمصطلح الوقت الحاضر ، المفردة اخذت طابعا اصطلاحيا تداوليا ، خضعت للتحوير استجابة للحاجة الى استخدامها للتعبير عن رفض الاستماع للكذابين فيقال هذا الرجل يرمي الشيلمان ويشيلمن ، يعني اتخذ من الكذب وسيلة للوصول الى غاياته ، لكنه فشل في إقناع الآخرين فأصبح مصدر سخرية.
استخدام الحديد المسلح والسمنت في صب سقوف المباني أزاح الشيلمان من الخدمة ، لكنه استعاد حضوره في العشوائيات ، والمسقفات المنتشرة في شوارع العاصمة ، ما ان يذكر السقف الزمني المحدد لتنفيذ الاصلاحات عبر تصريحات المسؤولين ، حتى يستذكر العراقيون تمثيلية تلفزيونية بطلها الممثل الراحل خليل الرفاعي ، عرضت بداية عقد السبعينات من القرن الماضي ، جسد فيها الراحل الرفاعي شخصية رجل حكيم ، يتخذ من مقهى الطرف مقرا دائما له ، لحل النزاعات بين رجال المحلة ، وتسوية خلافاتهم ، يقف وراءها شخص هوايته إثارة المشاكل حتى بين الازواج ، بإطلاق كذبة تشعل فتيل ازمة تنتهي عادة بتدخل الرجل الحكيم ، فيحذر من تصديق احاديث علوان أبو الشيلمان .
الحزمة الاصلاحية المتعلقة بفتح الشوارع بحاجة الى سقف زمني ، يستند الى ارضية من الاتفاق السياسي ، ليس من المستبعد ان تخضع القضية الى مشاورات بخصوص اختيار الشيلمان او السمنت والحديد المسلح لصب السقف ، مع ضرورة حساب الكلفة بكل دقة ، لاسيما ان الحكومة اعتمدت سياسة التقشف لمواجهة الازمة المالية بفعل انخفاض أسعار النفط في الاسواق العالمية .
نموذج علوان ابو الشيلمان استعاد حضوره في المشهد العراقي ،مع استمرار مطالبة المتظاهرين بتحقيق إصلاحات حقيقية تلبي مطالبهم المشروعة بأسرع وقت ممكن ، غير خاضعة لسقف زمني مشيد باستخدام الشيلمان ، مع ترديد أهزوجة كان يرددها عمال البناء حينذاك جبنالك جص مال عكادة .
"شيلمان" السقف الزمني
[post-views]
نشر في: 16 سبتمبر, 2015: 09:01 م