TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "شيلمان" السقف الزمني

"شيلمان" السقف الزمني

نشر في: 16 سبتمبر, 2015: 09:01 م

الحكومة أعلنت في أكثر من مناسبة التزام رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بجداول زمنية محددة لتنفيذ الحزم الإصلاحية ، المتظاهرون المطالبون باتخاذ خطوات جدية لتحقيق الإصلاح الشامل لديهم حساسية من اعتماد السقوف الزمنية ، لأنها قد تخضع الى المماطلة والتسويف ، خصوصا حين يتطلب الإصلاح عقد اجتماعات مع اهل الحل والربط للتوصل الى اتفاق موحد ، تمهيدا لتنفيذ "الاصلاحات العبادية " على حد تعبير من يشكك بسرعة انجاز الاصلاح .
رفع الحواجز الكونكريتية وفتح الشوارع المغلقة في العديد من احياء العاصمة بغداد لا يحتاج الى مراجعة لمواد الدستور او اللجوء الى المحكمة الاتحادية ، لكنها من وجهة النظر الحكومية تتطلب استشارة احزاب وقادة سياسيين، لاتخاذ التدابير الامنية لحماية مقراتهم ومكاتبهم ، حينذاك ستزّف الحكومة بشرى افتتاح شارع مغلق منذ سنوات في حي الكرادة ، يقع فيه مكتب يقدم استشارات قانونية للمراجعين لمن يرغب في الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية .
العراقيون كانوا يتداولون مفردة شيلمان جمع شيلمانة في إشارة الى فضح الكذب ، عادة ما تطلق بوجه شخص "يهمبل" بمصطلح الوقت الحاضر ، المفردة اخذت طابعا اصطلاحيا تداوليا ، خضعت للتحوير استجابة للحاجة الى استخدامها للتعبير عن رفض الاستماع للكذابين فيقال هذا الرجل يرمي الشيلمان ويشيلمن ، يعني اتخذ من الكذب وسيلة للوصول الى غاياته ، لكنه فشل في إقناع الآخرين فأصبح مصدر سخرية.
استخدام الحديد المسلح والسمنت في صب سقوف المباني أزاح الشيلمان من الخدمة ، لكنه استعاد حضوره في العشوائيات ، والمسقفات المنتشرة في شوارع العاصمة ، ما ان يذكر السقف الزمني المحدد لتنفيذ الاصلاحات عبر تصريحات المسؤولين ، حتى يستذكر العراقيون تمثيلية تلفزيونية بطلها الممثل الراحل خليل الرفاعي ، عرضت بداية عقد السبعينات من القرن الماضي ، جسد فيها الراحل الرفاعي شخصية رجل حكيم ، يتخذ من مقهى الطرف مقرا دائما له ، لحل النزاعات بين رجال المحلة ، وتسوية خلافاتهم ، يقف وراءها شخص هوايته إثارة المشاكل حتى بين الازواج ، بإطلاق كذبة تشعل فتيل ازمة تنتهي عادة بتدخل الرجل الحكيم ، فيحذر من تصديق احاديث علوان أبو الشيلمان .
الحزمة الاصلاحية المتعلقة بفتح الشوارع بحاجة الى سقف زمني ، يستند الى ارضية من الاتفاق السياسي ، ليس من المستبعد ان تخضع القضية الى مشاورات بخصوص اختيار الشيلمان او السمنت والحديد المسلح لصب السقف ، مع ضرورة حساب الكلفة بكل دقة ، لاسيما ان الحكومة اعتمدت سياسة التقشف لمواجهة الازمة المالية بفعل انخفاض أسعار النفط في الاسواق العالمية .
نموذج علوان ابو الشيلمان استعاد حضوره في المشهد العراقي ،مع استمرار مطالبة المتظاهرين بتحقيق إصلاحات حقيقية تلبي مطالبهم المشروعة بأسرع وقت ممكن ، غير خاضعة لسقف زمني مشيد باستخدام الشيلمان ، مع ترديد أهزوجة كان يرددها عمال البناء حينذاك جبنالك جص مال عكادة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram