TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لا لومَ على العبادي

لا لومَ على العبادي

نشر في: 16 سبتمبر, 2015: 09:01 م

لستُ محامياً عن رئيس الحكومة، لكن المنطق يحكم.. والمنطق يقول إن السيد العبادي لا ينبغي لومه على الطريقة التي اتّبعها في إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، باعتبار أن ما فعله ليس من اختصاص الحكومة، بل رئيس الجمهورية ومجلس النواب.
نعم، السيد العبادي ليس ملوماً، فاللوم كله يقع على سلفه نوري المالكي الذي رابط في رئاسة الحكومة ثماني سنوات ولم يترك لخلفه في ديوان رئاسة الحكومة مؤسسة تعمل على وفق شروط المؤسسة المتعارف عليها حتى في الدول غير الديمقراطية والأخرى الفقيرة.
لو كان السيد المالكي قد اهتمّ على مدى ثماني سنوات ببناء مؤسسة من النوع الذي نتحدث عنه، لبادرت هذه إلى إعلام رئيس الوزراء فور انفضاض اجتماع الحكومة الذي تبنى بالإجماع خطة العبادي الإصلاحية، بأنه يتعيّن عليه في ما خصّ إلغاء مناصب نائب رئيس الجمهورية التقدم إلى مجلس النواب بمشروع قانون في هذا الشأن. ولو حصل ذلك لجرت العملية بسلاسة من دون إثارة ضغائن وطعون دستورية. كما أن أحداً من أعضاء مجلس النواب، الذين يبدو أنهم كانوا يومها دائخين تحت وقع هتافات المتظاهرين في ساحات التحرير ضد "الحرامية"، لم يقم بواجبه، عندما عُرضت خطة العبادي على المجلس، في التنبيه إلى وجوب تقديم مشروع القانون. والمجلس لم يتولَّ أيضاً اقتراح قوانين لتنفيذ خطة العبادي ولا الخطة التي اقترحها المجلس نفسه.. انتهى كل شيء في مجلس النواب في ذلك اليوم والأيام التالية، كما هي العادة، عند الكلام الذي لا يُغني ولا يُسمن.
أمضيت ثمانينيات القرن الماضي كلها في العمل في صحافة المقاومة الفلسطينية في بيروت ثم دمشق. وأتاح لي ذلك اقتراباً أكثر من ذي قبل من الشأن الإسرائيلي فضلاً عن الشأن الفلسطيني. وقد لاحظت حينها أنه على مدى سنوات عديدة متصلة كانت ثمة سيدة يتكرر حضورها في اجتماعات الحكومة الإسرائيلية، كما لو أنها وزيرة بالرغم من تغيّر الحكومات ورؤسائها والأحزاب أو الائتلافات الحاكمة، ولمّا سألت عن سرّ تلك السيدة قيل لي أنها سكرتيرة مجلس الوزراء الإسرائيلي، وهي موجودة في منصبها بناء على اختصاصها وكفاءتها وخبرتها.. أي أنها تكنوقراط لا يعني لها شيئاً إن كان الحاكم من حزب العمل أو من ائتلاف الليكود. وبالتأكيد لم تكن تلك السيدة فريدة عصرها، فلابدّ أن عشرات التكنوقراط من أمثالها كانوا يعملون معها أو تحت إمرتها في ديوان الحكومة الاسرائيلية، ولابدّ أن هذا النظام عام وشامل في سائر الوزارات ومؤسسات الدولة الإسرائيلية.
عندما يكون لدينا ديوان حكومة بمواصفات ديوان الحكومة الإسرائيلية ودواوين الوزارات والمؤسسات الحكومية الإسرائيلية سنضمن أن رئيس حكومتنا لن يقع حتى في خطأ من قبيل الغفلة عن إعداد مشروع كمشروع القانون الخاص بإلغاء المناصب الزائدة في الدولة والتقدم به إلى مجلس النواب صاحب سلطة تشريع القوانين، وسيكون منطقياً أن نلوم رئيس الحكومة إن هو إرتكب خطأً كهذا. وسيكون منطقياً أيضاً أن نلوم العبادي، بعد حين، إن هو ظلّ على نهج سلفه في هذا الخصوص وغيره ولم يبنِ في رئاسة الحكومة مؤسسة تعمل بمهنية وكفاءة ووطنية معه أو مع غيره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. د عادل على

    منصب رئيس الوزراء صعب القياد وخطير جدا وخاصة فى بلد مثل العراق الدى اقتيد لمدة 40 سنه من نازيين وجهلة وهمج يسمون انفسهم بالبعث وراى حربا لاسقاط نظام خوف ودموى---الامريكان كانوا يحبدون اياد علاوى كرئيس وزراء لكونه بعثيا وله اتصالات ب 16 استخبارات عالميه

  2. hameed Mohammed

    إذا كانت إصلاحات العبادي مجرد ضحك على الذقون فإن العبادي والمالكي وجهان لعملة واحدة واقول أن الوقت لايسير في مصلحة الحكومة الرشيدة فكما قال الشعب ونقول اليوم نتظاهر وغداً نثور . ياحكومتنا الملائكية .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram