البرلمان لطالما حمـَّل الحكومة مسؤولية تأخير إرسال مشاريع القوانين المهمة ذات المساس المباشر بحياة العراقيين ، فتعطل الأداء التشريعي على مدى الدورات التشريعية السابقة. في ضوء ذلك لم يجد مجلس النواب غير التصويت على قوانين ، تُثير السخرية ، فتحمل الانتقادات الساخرة حتى أصبح بنظر الكثيرين خاصة المتظاهرين المطالبين بالإصلاح " مجلس نوائب " أي المصائب !
مصائب مجلس النواب منذ الدورة التشريعية الأولى تمثلت في العديد من المظاهر ، من أبرزها اختيار أبناء القائمة المغلقة ليشغلوا مقاعد المجلس ، بنظام انتخابي تجاهل حق المصوتين في معرفة تاريخ المرشحين وسيرتهم الذاتية ، وتحصيلهم الدراسي ، لكن "الخدمة الجهادية " كانت الرصيد الوحيد لشغل المقعد ، وليضرب المعترضون رؤوسهم في أقرب جدار !
المظهر الآخر في المجلس ، تجسَّد بهيمنة رؤساء الكتل على جميع الأعضاء ، حتى أصبحوا من المبشرين بالجنة ، لا يمرُّ مشروع قانون إلا بموافقتهم على قاعدة التوافق مع مراعاة تحقيق المكاسب على حساب المصالح الوطنية. أما ظاهرة غياب الأعضاء عن حضور الجلسات فخضعت لمعالجات خجولة ، تقتصر على نشر اسماء المتغيبين في وسائل الإعلام ، وقطع مبلغ محدد من الرواتب الشهرية، الدور الرقابي للبرلمان هو الآخر خضع للتجاذبات السياسية ، استجواب المسؤولين يتطلب جمع التواقيع ثم موافقة رئاسة المجلس ، في بعض الأحيان يتحوّل الاستجواب الى استدعاء او استضافة استجابة لطلب رئيس الكتلة.
الدولة العراقية إن "صحت هذه التسمية" ما زالت تعمل بقوانين مجلس قيادة الثورة ، واخرى أقرَّها مستر بريمر ، لم تحفز اعضاء مجلس النواب على تشريع القوانين البديلة ، لأنهم طيلة السنوات الماضية انشغلوا بتبادل الاتهامات للدفاع عن حقوق المكونات!عبر إطلالة يومية من شاشات فضائيات عربية ومحلية ، فأصبحوا نجوماً ينافسون المطربين العرب بشهرتهم ، وصلت الاتهامات الى ابتكار وسائل جديدة لتوجيه الشتائم مصحوبة بتراشق الأحذية واستعراض القوة العضلية اثناء تبادل اللكمات.
مجلس النواب أبدى اعتراضه على حملة الانتقادات الموجهة لأعضائه المتمتعين بالحصانة البرلمانية ، فلوَّح بمقاضاة المعترضين على أدائه والمسيئين لدوره التشريعي والرقابي ، الاعتراض جاء بعد ارتفاع اصوات المتظاهرين ،المعبرة عن فقدان ثقتهم ببرلمانهم لعجزه منذ دورات تشريعية متعددة عن إنجاز قوانين تحقق التنمية وتنظم الحياة السياسية ، وتعزز النظام الديمقراطي ثم ارساء قواعد بناء الدولة .
يحتاج البرلمان الى دائرة خاصة تتولى رصد المعترضين على أدائه تمهيدا لمقاضاتهم ، بجمع الوثائق والشواهد لتكون أدلة إثبات لإدانة مَن ارتكب جريمة الإساءة بحق ممثلي الشعب ، وليس من المستبعد أن يلجأ البرلمان للتصويت على قرار يحظر استخدام شبكة التواصل الاجتماعي في العراق ، ومعاقبة ناشطين كانوا وراء اطلاق تسمية " مجلس النوائب" حتى أصبحت شعاراً يرفعه المتظاهرون المطالبون بإنقاذهم من المصائب الحالية والمستقبلية!
"النـوائــب"
[post-views]
نشر في: 18 سبتمبر, 2015: 09:01 م