اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > اقتصاد > تقرير: الحرب والاقتصاد العراقي .. مشاكل وازمات

تقرير: الحرب والاقتصاد العراقي .. مشاكل وازمات

نشر في: 19 سبتمبر, 2015: 12:01 ص

يعتبر اقتصاد العراق واحداً من العوامل التي تساهم في تقسيم البلد و تشجيع العنف، و تقود الى الحرب الأهلية وتساعد على تمكين داعش. الانقسامات الطائفية و العرقية، الضغط السكاني، التطرّف الديني، تدخّل الدول الخارجية، الحكم الضعيف الفاسد، الاستبداد، و النظا

يعتبر اقتصاد العراق واحداً من العوامل التي تساهم في تقسيم البلد و تشجيع العنف، و تقود الى الحرب الأهلية وتساعد على تمكين داعش. الانقسامات الطائفية و العرقية، الضغط السكاني، التطرّف الديني، تدخّل الدول الخارجية، الحكم الضعيف الفاسد، الاستبداد، و النظام السياسي الممزّق كلها ساهمت في المستوى الحالي من العنف في دولة فاشلة منذ زمن طويل.

 

من الممكن تقديم نظرة عامة عن التشابكات المعقدة بين الاقتصاد وبقية العوامل التي تؤجج العنف في العراق، والمدى الذي تتداخل فيه المشاكل الاقتصادية الهيكلية العميقة في العراق مع انقساماته الطائفية و العرقية بشكل يساعد في تعزيز داعش و يزيد التوترات بين العرب و الكرد. تبدأ الدراسة بالتشديد على أهمية التركيز على الأسباب التي جعلت العراق يواجه اليوم مستويات من العنف والتوترات الداخلية التي تدفع به الى الانقسام، كما تركّز على الاختلافات بين اقتصاد الإرهاب و محاربة التمرد و بين الاقتصاد القياسي التقليدي للتنمية. لا تزعم الدراسة ان الاقتصاد ساهم في العنف و المشاكل أكثر من الأسباب الأخرى، لكنها تبيّن ان هناك بعض الارتباطات المهمة بين المشاكل الواسعة في الاقتصاد العراقي وأسلوب الحكم و الضغط السكاني، و بين مستويات العنف في دول فاشلة أخرى في منطقة الشرق الأوسط مثل ليبيا و سوريا و اليمن. كما يتضح أيضاً من تحليل الاقتصاد العراقي انه مع كون الأيديولوجية و السياسة أسباب رئيسية للعنف في العراق، فان البلد يواجه تحديات غير اعتيادية تتمثّل في النسبة العالية للشباب من الرجال والنساء اليائسين من المستقبل و فرص العمل و الزواج. و ان اقتصاد البلد و سياساته و التوترات الاجتماعية فيه ستعاني من ضغط سكاني حاد على مدى لا يقل عن عقدين من الزمن. كما ان اقتصاده تعرّض للتشويه لعدة أسباب منها سوء الحكم في بلد يهيمن عليه القطاع العام، و اضطرار الحكومة لشراء التأييد الشعبي من خلال التعيينات و الإعانات، و تكاليف الحرب، و الفساد المفرط حيث يحتل العراق المرتبة 170 من 175 بين أكثر الدول الفاسدة حسب منظمة الشفافية العالمية، و لديه قطاع عام كبير جدا بإدارة سيئة حيث يضعه البنك الدولي في المرتبة 156 من 185 بين أسوأ البلدان في مجال سهولة ممارسة أنشطة الأعمال. كما ان اقتصاد العراق تأطّر في جزء منه من خلال كونه في حالة حرب أو أزمات ذات صلة بالحرب منذ عام 1980، و كان للصراعات الماضية تأثير اقتصادي متراكم تسبّب في تقييد تطور البلد و تقسيم الاقتصاد و الدخل على أسس طائفية وعرقية، و خلق مجالات واسعة تسبب العنف فيها بانقسامات و اقتصاديات فرعية .
تتابع الدراسة أنماط العنف بالتفصيل منذ الاجتياح الأميركي عام 2003 ، التي لا تمثّل سوى المرحلة الأخيرة في تاريخ شمل حرباً أهلية بين الحكومة المركزية و الكرد في سنوات السبعينات، و الحرب الإيرانية – العراقية في الثمانينات، و اجتياح الكويت و حرب الخليج في 1990 و 1991 ، و تأثير عقوبات الأمم المتحدة من 1992 الى 2003 . أحد فصول الدراسة يتابع حجم انهيار القوات العسكرية العراقية في 2003، و التأثير الاقتصادي للقتال منذ 2003، و أنماط إنعاش القوات العراقية قبل هجوم داعش أواخر 2013. يبين هذا الفصل العبء الاقتصادي لإنعاش القوات العراقية و دفع تكاليف القتال الحالي، كما ان الحكومة المركزية لم تحقق لحد الآن تقدماً في إنعاش قواتها العسكرية الفعّالة. و يتابع الفصل أيضاً ظهور نمط العنف و الانقسامات الداخلية بين العرب و الكرد والسنّة و الشيعة، و يبيّن ان تأثير داعش لا يشكّل سوى جزءاً من نمط أكبر من العنف و الانقسامات التي أثّرت على نسبة كبيرة من سكّان البلد. كما ان التوترات الطائفية و العرقية و القتال تسببت في تقسيم سكّان البلد الى اقتصاديات فرعية حضرية و مناطقية، ما نجم عنه مشاكل و ظلم زاد من صعوبة تحقيق الوحدة الوطنية والأمن و الاستقرار.
واضح من الدراسة ان بعض المعارك مع داعش قد فاقمت من المشاكل التي سيواجهها الكرد والعرب في اتفاقهم على حجم و تمويل و طبيعة المنطقة الكردية في المستقبل. في نفس الوقت فان ظهور المليشيات المختلفة والقوات العرقية و الطائفية قد فاقم مشكلة مشاركة المناطق و السلطة السياسية و الإيرادات النفطية بين السنّة و الشيعة.
بعد ذلك تنظر الدراسة الى ما وراء اقتصاد العنف لتتفحص المشاكل الهيكلية العميقة في اقتصاد العراق و التي لا تولّد العنف و القتال لكنها من المؤكد تزيد من الانقسامات و التوترات، و هذه تشمل:
- اقتصاد خلقت ثروته النفطية نوعها الخاص من " المرض الهولندي " حيث ذكرت وكالة المخابرات الأميركية ان العراق يتلقى 90 % من إيرادات حكومته و 80 % من عائدات صادراته من القطاع النفطي.
- الحكومة لها تاريخ طويل في سوء إدارة الموازنة ما يولّد خططاً غير واقعية مفرطة في الطموح و فشلا في تنفيذ حصص الموازنة بسبب خسارة الأموال نتيجة الفساد و الهدر، و هذا سيتحول الى مشكلة أكبر على المدى القريب بسبب انخفاض عائدات تصدير النفط، كما ان تمويل العجز المتنامي يتم بطرق غير موثوقة.
- أزمة عمالة ضخمة و مستمرة مصدرها جيل الشباب، و عدم خلق فرص عمل لهم، و الاعتماد الكبير على العمالة غير المنتجة في القطاع الحكومي، و عدم التوازن بين مستوى العمالة و حصة الإنتاج المحلي الإجمالي.
- بطالة الشباب تتجاوز 25 %. تساهم الزراعة بنسبة 3.3 % فقط من الإنتاج المحلي الإجمالي، لكنها تضم نسبة 21.6 % من القوة العاملة. أما الصناعة ( النفطية الى حد كبير ) فتشكل نسبة 56.6 % من الإنتاج المحلي إلا ان الصناعات غير الإنتاجية تضم 21.6 % من القوة العاملة.
- تنامي قطاع الشركات المملوكة للدولة على مدى واسع بحيث يضع عبئاً كبيراً على كاهل الاقتصاد بسبب ضعف الإنتاجية في قطاع عام يوفر 43 % من إجمالي فرص العمل و نحو 60 % من إجمالي العمالة بدوام كامل، حيث يشكّل العاملون في شركات الدولة نحو 20 % من إجمالي العمالة في القطاع العام من أجل إنتاج ضئيل لا قيمة له.
- هناك الكثير من التحديات التي تواجهها البنية التحتية الاقتصادية و الاجتماعية – معظمها يتعلق بالحرب – في قطاعات الطاقة و المياه و المالية و المصارف و التعليم و الدعم الغذائي و الطب و الزراعة و غيرها .
من غير الممكن تحديد الجوانب العديدة لمشاكل العراق الاقتصادية الحالية على وجه الدقة، لكن من الواضح ان الحرب تزيدها سوءاً اذ انها تلعب دوراً كبيراً في تقسيم البلاد، و ان هزيمة داعش لن تنهي الانقسامات و نمط العنف في العراق من دون المزيد من الإجراءات الحكومية و جهود إصلاحية أكبر مما تم التخطيط له حتى الآن. الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الوزراء حيدر العبادي لن يكون لها تأثير كبير في أفضل الأحوال، لحد الآن على الأقل، و ربما تشكّل الحكومة العراقية لنفسها تهديداً بحجم تهديد داعش لها.
عن: مركز الدراسات الستراتيجية والدولية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مؤشرات الأسهم تتراجع في آسيا وأوروبا ودبي ومصر بسبب الركود الأمريكي

مقالات ذات صلة

مؤشرات الأسهم تتراجع في آسيا وأوروبا ودبي ومصر بسبب الركود الأمريكي
اقتصاد

مؤشرات الأسهم تتراجع في آسيا وأوروبا ودبي ومصر بسبب الركود الأمريكي

متابعة/ المدى تراجعت مؤشرات الأسهم، يوم الاثنين، في آسيا وأوروبا ودبي ومصر، وهبط الدولار واليورو بنسبة 2% مقابل الين الياباني، مع تزايد قلق المستثمرين من ركود اقتصادي في الولايات المتحدة. في أوروبا، تراجعت مؤشرات...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram